لم يحذف التنوين استخفافا ليعاقب المجرور ولكنه حذفه لالتقاء الساكنين ، كما قال رمى القوم وهذا اضطرار وهو مشبّه بذلك الذي ذكرت لك ، وتقول في هذا الباب هذا ضارب زيد وعمرو اذا أشركت بين الآخر ، والاول في الجار لانه ليس في العربيّة شىء يعمل في حرف فيمتنع أن يشرك بينه وبين مثله ، وإن شئت نصبته على المعني وتضمر له ناصبا فتقول هذا ضارب زيد وعمرا ، كأنه قال ويضرب عمرا أو ضارب عمرا ، ومما جاء على المعنى قول جرير : [بسيط]
(١) جئنى بمثل بنى بدر لقومهم |
|
أو مثل اسرة منظور بن سيّار |
وقال كعب بن جعيل التغلبيّ : [طويل]
(٢) أعنّى بخوّار العنان تخاله |
|
إذا راح يردى بالمدجّج أحردا |
وأبيض مصقول السّطام مهنّدا |
|
وذا حلق من نسج داود مسردا |
فحمله على المعنى كأنه قال وأعطني أبيض مصقول السطام ، أو قال هات مثل اسرة منظور بن سيّار والنصب في الاول أقوى وأحسن لأنك أدخلت الجرّ على الحرف الناصب
__________________
(١٣٧) قد مر شرحه وتفسيره في ص ٦٣ ، رقم ٧٨.
(١٣٨) الشاهد في حمل ابيض على معنى أعني بخوار العنان لان معناه اعطني وناولني كأنه قال ناولني خوار العنان وأبيض مصقول السطام وجعل سيبويه هذا تقوية لنصب المعطوف في قولك هذا ضارب زيد وعمرا لأن المعني يضرب زيدا وعمرا ، وأراد بخوار العنان فرسا منقادا متأنيا لين العنان عند الجذب والتصريف ، والخوّار الضعيف اللين والرديان أن يضرب بيديه عند السير ضربا لمرحه ويقال لما تكسر به الحجارة مرداة من هذا ، والمدجج اللابس للسلاح وهو بالكسر والفتح ، والكسر أفصح وشبه الفرس بالاحرد لانه يميل بيديه عن القصد لمرحه وأصل الحرد داء يصيب البعير في يديه من العقال وأراد بالابيض سيفا صقيلا ، والسطام جوانبه ولا يعرف لها واحد ، والمهند الهندى ولا فعل له ولكنه لفظ موضوع لمعنى النسب ومثله غريب ، وأراد بالحق حلق الدرع ونسبها الى داود عليهالسلام لانه أول من عمل الدروع ، والمسرد المتتابع النظم والمعروف في اللغة سردت الدرع فهي مسرودة ، ويجوز على هذا اسردتها فهي مسردة وهو قليل.