بين نفس الاقتضاءين ، بل هو ـ إن كان ـ في المقتضَيَين ، فإن قال «صلّ» وقال «أزل النجاسة عن المسجد» وطلب تحقّقهما في آن واحد بلا اشتراطٍ ، لزم محذور الجمع بين الضدّين ، والتكليف بما لا يطاق ، أمّا لو قال : «أزل النجاسة» ثم قال : «صلّ إن عصيت الإزالة» كان المقتضى للأمر الأوّل إطاعته وعدم معصيته ، والمقتضى للثاني : وجوب الصّلاة على تقدير عصيان الأوّل ، ولا تمانع بين هذين المقتضَيَين ، لأن الأمر بالإزالة إنما ينهى عن عصيانه ولا تعرّض له للصّلاة ، والأمر بالصّلاة مفاده : وجوب إطاعته على تقدير عصيان الأمر بالإزالة ....
إذن : لا تمانع بينهما في مرحلةٍ من المراحل.
وببيان آخر : إن المفروض أن القدرة واحدة ، والقدرة الواحدة لا تكفي لامتثال الخطابين معاً إن كانا مطلقين ، أمّا لو كان أحدهما مشروطاً ، فلا تمانع بين المتعلّقين في جلب القدرة ، لأنّ الأمر بالأهم يطالب بصرف القدرة فيه ، لكنّه ساكت عمّا لو عصي ، والأمر بالمهم يطالب بصرف القدرة فيه في حال عصيان الأمر بالأهم ... فلا مشكلة.
والشيخ الأعظم لمّا جعل المشكلة في القدرة ، وأنه لا توجد قدرتان في المتزاحمين بناءً على السببيّة ، فمع تقييد كلٍّ منهما بعدم صرفها في الآخر يتم التخيير. فأشكل عليه الميرزا بأنه : مع عدم صرف القدرة في الأهم لا بدّ من صرفها في المهم ، وإلاّ يلزم تفويت مصلحة ملزمة مع القدرة على استيفائها ، وهذا هو الترتب.
إشكال المحقق الأصفهاني
وقد أورد المحقق الأصفهاني (١) على المقدمة الرابعة بأُمور ، نتعرّض لما
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٣٩.