التَّوَّابينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ) (١) فالطهارة بنفسها محبوبة لله ، والثواب مترتّب على هذه المحبوبيّة والمطلوبيّة ، لا من جهة الأمر الغيري المتعلّق بها كي يرد الإشكال.
وأجاب عن الثاني : بأنّ كلّ أمرٍ إنّما يدعو إلى متعلّقه ، والأمر الغيري كذلك ، فإنّه يدعو إلى متعلَّقه وهو المقدّمة. لكن المقدّمة قد لا تكون عباديّة كنصب السّلم للصعود إلى السطح ، فيتحقّق التوصّل إلى ذي المقدّمة بمجرّد حصول المقدّمة. أمّا في الطهارات فقد تعلّق الأمر بها لا بذواتها ، بل مقيّدة بقصد القربة ، فكان الأمر ـ مع كونه غيريّاً ـ قد تعلّق بمقدّمة عباديّة ، وعلى هذا فلا يسقط إلاّ بالامتثال له والإتيان به مع هذا القيد.
وهذا الذي ذكره المحقّق الخراساني في دفع الاشكال متّخذ من الشيخ قدّس الله روحه ، والأفضل هو الرجوع إلى كلامه والتعرّض لما قاله الأعلام في نقضه أو إبرامه.
فلقد طرح الشيخ في مسألة الطهارات ثلاث إشكالات ، ذكر اثنين منها في الأُصول (٢) والثالث في مبحث نيّة الوضوء من (كتاب الطهارة) (٣) فيقول الشيخ في بيان الاشكال الأوّل :
إنّ مقتضى القاعدة العقليّة هو أنّ الأمر الغيري من شئون الأمر النفسي وليس في قباله ، وكذلك إطاعة الأمر الغيري ، فهو من شئون إطاعة الأمر النفسي ، فالأمر الغيري تابع للأمر النفسي في ذاته وفي ترتّب الأثر عليه قرباً وبعداً وفي إطاعته ومعصيته. لكنّ هذا مخالف للأخبار المستفيضة في الطهارات والإجماع القائم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٢.
(٢) مطارح الانظار : ٧١.
(٣) كتاب الطهارة ٢ / ٥٤ الطبعة المحققة ، التنبيه الأول من تنبيهات نيّة الوضوء.