فهو طالب لمقدّمته أيضاً ، للتلازم بين إرادته وإرادتها ، فهذا ثابت في عالم الثبوت ، غير أنّ الكاشف عنه في عالم الإثبات هو حكم العقل. فكون الحيثيات التعليليّة ـ مثل كون العمل ذا مصلحةٍ كما تقدّم ـ حيثيّات تقييديّة وموضوعات للأحكام العقليّة ، صحيح في الأحكام العقليّة ، لكنّ وجوب المقدّمة حكم شرعي كما هو المفروض ، فلا تنطبق عليه القاعدة المذكورة ... بل إنّ موضوع الحكم الشرعي في المقام هو ذات المقدّمة فقط ... وفاقاً للمحقّق الخراساني.
٢ ـ إنّه دائماً يتعلّق الأمر بالحصّة المقدورة ، وما كان خارجاً عن الاختيار فلا يتعلّق الأمر به ، وعليه ، فالمتعلّق للأمر الغيري هو الحصّة المقدورة ، الاختيارية ، وهي ما قصد به المقدميّة والتوصّل به إلى الغير.
وأورد عليه في (المحاضرات) (١) : بأنّ هذا إنّما يتمّ فيما إذا كانت القدرة على المتعلّق مأخوذةً فيه شرعاً وواردة في لسان الدليل ، كما في آية الحج ، بناءً على تفسير «الاستطاعة» ب «القدرة» ، وكذا في آية التيمّم ، بناءً على أنّ المراد من «الوجدان» هو «القدرة» على الاستعمال شرعاً ... لأنّه لا يمكن كشف الملاك في أمثال هذه الموارد إلاّ في خصوص الحصّة المقدورة. وأمّا الحصّة الخارجة عن القدرة ، فلا طريق للكشف عنه فيها.
وأمّا إذا كانت القدرة معتبرة في المتعلّق بحكم العقل ، فلا يتم ما ذكر ، لأنّ القدرة على بعض أفراد الطبيعة يكفي لتحقّقها على الطبيعة.
ولمّا كان اعتبار القدرة على المقدّمة حكماً عقليّاً ، لأنه الحاكم بأنّه لو لا القدرة عليها فلا وجوب ، فلا محالة لا يكون وجوبها مختصّاً بما يصدر من
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٢٤٥.