وذهب الميرزا (١) إلى أنّ المردّد واجب بالوجوب النفسي ، وأنّ الصّلاة مجرى البراءة. وتوضيح ذلك : إنّه إذا تردّد أمر الوضوء بين النفسيّة والغيريّة ، وكان على تقدير الغيريّة شرطاً لواجبٍ غير فعلي ، كما لو تيقّن بالنذر وتردّد بين أن يكون قد نذر الصّلاة أو نذر الوضوء ، فإنْ كان متعلّق نذره هو الوضوء فهو واجب نفسي ، وإن كان الصّلاة كان الوضوء واجباً غيريّاً. إذن ، لا فعليّة لوجوب الصّلاة ، بل إنّه فعلي على تقدير كون الوضوء واجباً غيريّاً لا نفسيّاً. فيقول الميرزا : بأنّ الوضوء واجب قطعاً ، بالوجوب النفسي أو الغيري ، وأمّا الصّلاة فهي مجرى البراءة ، لجريانها فيها بلا معارض ، وذلك : لأنّ معنى دوران أمر الوضوء بين النفسيّة والغيريّة هو تحقّق علم إجمالي بأنّ الواجب عليه بالوجوب النفسي إمّا هو الصّلاة وامّا هو الوضوء ، وهذا العلم مؤثر في التنجيز ، ولا بدّ من الإتيان بالوضوء والصّلاة معاً ، غير أنّ الوضوء يؤتى به قبل الصّلاة ، حاله حال الواجب الغيري ... لكنّ هذا العلم منحل ... لأنّ أحد الطرفين ـ وهو الوضوء ـ يقطع باستحقاق العقاب على تركه ، إمّا لكونه واجباً نفسيّاً وامّا لأن تركه يؤدّي إلى ترك الواجب المشروط به ، ومع القطع باستحقاق العقاب على تركه لا تجري البراءة فيه ، ويبقى الطرف الآخر محتمل الوجوبيّة ، فالشبهة فيه بدويّة ، وتجري البراءة فيه بقسميها.
ثمّ ذكر في نهاية الكلام أنّ المقام من صغريات التفكيك والتوسّط في التنجيز.
وتوضيح المراد من ذلك هو : إنّ الوقائع منها هو منجّز على كلّ تقدير ، ومنها ما هو غير منجّز على كل تقدير. والأوّل : هو الحكم المعلوم بالإجمال ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٢٥٠.