مقتضيةٌ له ، وأين الاقتضاء من العليّة التامّة؟ إن العلّة التامّة لا حالة منتظرة لها ، بخلاف المقتضي فإنّ شرط تأثيره اختيار العبد للامتثال ، فلو لم يتحقّق بقيت الإرادة التشريعيّة في مرحلة الاقتضاء ، وعليه ، يصحّ وجود مقتضيين يكون مؤثريّة أحدهما في تحقّق الفعل متوقّفة على عدم مؤثريّة الآخر ، كما تقدّم في تصوير المحقق الحائري للترتب ، أو يكون أصل فعليّة أحدهما متوقفاً على عدم مؤثريّة الآخر ، كما تقدّم في تصوير الترتب على مسلك الميرزا وهو المختار ...
فقياس الإرادة التشريعيّة على التكوينيّة قياس مع الفارق.
إن المتلازمين يستحيل اختلافهما في الحكم ، كأنْ يكون أحدهما واجباً والآخر حراماً مثلاً ، لأنه يلزم التكليف بالمحال ، إذ فعل الفرد الواجب يستلزم فعل الآخر الحرام ، وترك الحرام يستلزم ترك الفرد الواجب.
وعلى هذا ، فإن القول بالترتب يستلزم القول بالتكليف بالمحال ، لأنّ الأمر بالأهمّ يستلزم النهي عن ضدّه العام وهو تركه ، فيكون تركه حراماً ، لكنّ ترك الأهمّ ملازم لفعل المهم وهو واجب ، فكان المتلازمان مختلفين في الحكم ، وهو محال كما تقدّم.
والجواب : صحيحٌ أنّ الأمر بالأهم يستلزم النهي عن ضدّه العام وهو الترك ، ووجوب المهم مشروط بترك الأهم ، وبينهما تلازم ، لكن حرمة الترك حكم استلزامي ، فوجوب الأهم قد استلزم حرمة تركه وكانت هذه الحرمة نتيجة لوجوبه ، فإن كان وجوبه بنحو الاقتضاء قابلاً للاجتماع مع وجوب المهم ، كانت الحرمة ـ التي هي حكم ترك الأهم ـ قابلةً للاجتماع مع المهم بنحو الاقتضاء ، ولا محذور في هذا الاجتماع.