مقام الإثبات ....
فظهر أنْ لا محذور لهذا المبنى حتّى يذكر ويدفع ، فلا يبقى مجالٌ لاستغراب السيّد الأُستاذ من الميرزا قائلاً : «وهذا غريب من مثل المحقق المذكور ، فإنّ اللازم عليه كان بيان ما يحتمل أنْ يكون محذوراً ودفعه ، لا مجرّد عدم وجود المانع لا أكثر من دون بيان وجه ذلك ، فإن ذلك لا يتناسب مع علميّة البحث» (١).
ولا يخفى أنه أيضاً قد اختار هذا المبنى في الواجب التخييري (٢).
وقد فصّل شيخنا الاستاذ الكلام في أصل البحث وذكر الأنظار فيه ، وذلك لضرورة الوصول إلى منشأ الخلاف في أنّ المردّد هل يمكن أن يقع متعلّقاً للإرادة أو للاعتبار أو لصفةٍ وجوديّة ، أو لا؟
لقد ذكر الشيخ في (المكاسب) (٣) مسألة ما لو باع صاعاً من الصبرة ، فهل يحمل على الكسر المشاع ، فلو كان عشرة أصوع يكون المبيع هو العشر ، أو يكون كلّياً معيّناً ، أو يكون فرداً من أفراد الأصوع على البدل؟ ثم أشكل على الوجه الأخير بوجوه ، منها : إن التردّد يوجب الجهالة ، وأنه يوجب الغرر ، وأنه غير معقول ، وهذا محلّ الشاهد هنا.
إن تعلّق البيع بفردٍ مرددٍ من أفراد الأصوع غير معقول ، لأنّ الملكيّة صفة وجوديّة ، والصفة الوجوديّة لا يعقل أن تتعلّق بالشيء المردد ... وهذا هو الإشكال.
__________________
(١) منتقى الأُصول ٢ / ٤٩٠.
(٢) منتقى الأُصول ٢ / ٤٩٥.
(٣) كتاب المكاسب : ١٩٥ ط ١.