ولا في المصلحة اللزوميّة.
أمّا في مثل دفن الميت ونحوه ممّا لا يقبل التعدّد ، فالأمر واضح ، إذ مع عدم تعدّد الفعل كيف يتحقّق توارد العلل على المعلول الواحد؟
وقد أورد عليه شيخنا بوجوه :
الأوّل : إنّ الوجوب الكفائي وجوب مشوب بجواز الترك في طرف الموضوع ، أي المكلّف ، فلو ترك كان المكلّفون كلّهم معاقبين ، لأنّ كلاًّ منهم قد ترك لا إلى بدلٍ ، فهو يقول بتعدّد العقاب هنا ، ولا يقول به في الواجب التخييري مع ترك جميع الأطراف ، والحال أنّ نفس الدليل القائم هنا على تعدّد العقاب يقتضي تعدّده هناك ، لأنّ جواز ترك الإطعام ـ مثلاً ـ كان منوطاً بالإتيان بالعتق أو الصوم ، فلو ترك الكلّ لزم تعدّد العقاب كذلك.
والثاني : لقد جاء في كلامه في (نهاية الدراية) عبارة : إن المصلحة اللزوميّة هذه لا متعيّنة. فيرد عليه :
أوّلاً : إنه لا وجود لغير المتعيّن ، وقد ذكر هو سابقاً إن الوجود مساوق للتعيّن.
وثانياً : إنّ المصلحة اللزوميّة متقوّمة بالفعل الحامل لها ، فكيف يكون المعلول متعيّناً والعلّة غير متعيّنة؟ وكيف يكون اللاّمتعيّن قابلاً للامتثال؟
وثالثاً : إن المصلحة اللزوميّة واحدة لا تقبل التعدّد وإلاّ لتعدّد الواجب وهو خلاف الفرض في الواجب الكفائي ، ولذا يكون نسبتها إلى كلٍّ من المكلّفين على السواء ، وهي نسبة صدوريّة ، فكيف يعقل أن يكون الصّادر واحداً ومن صدر عنه الفعل متعدّداً؟