وتلخّص : إنّ الأُمور التي ذكرها مقدّمةً لدليله كلّها دعاوى بلا برهان.
واختلفت كلمات المحقّق الأصفهاني في هذا المقام (١) ، ففي أوّل البحث اختار المقدميّة ، وفي آخره قال : والتحقيق يقتضي طوراً آخر من الكلام ، وانتهى إلى القول بالعدم ... والبرهان الذي ذكره لنفي المقدميّة هو :
إنّ في الماديّات أربع علل وشرطين ، بخلاف في المجرّدات فليس إلاّ العلّة الفاعليّة والعلّة الغائيّة ـ :
العلّة الفاعليّة ، وهي التي يكون منها الوجود.
والعلّة الغائيّة ، وهي التي من أجلها تحقّق الوجود.
والعلّة الماديّة ، وهي الجنس.
والعلّة الصّوريّة ، وهي الفصل.
والشرطان هما : ما يتمّم فاعليّة الفاعل ، وما يتمّم قابليّة القابل ، وذلك : لأنّ الوجود في الأُمور الماديّة بحاجة إلى الفاعل والقابل ، فلو وجد الفاعل وكان ناقصاً لم يؤثّر أثره ، ولو وجد القابل وابتلي بمانع فالأثر لا يتحقّق ، وبتوفّر الشرط في الطرفين يتحقّق الأثر.
وحينئذ ، ننظر في الأمر ونقول :
إنّ العلّة الماديّة هي الجنس ، والعلّة الصوريّة هي الفصل ، وعدم الضدّ الآخر لا هو جنس للضدّ الآخر ولا هو فصل له.
والعلّة الغائية أيضاً غير متصوّرة للعدم ، لأنّ العلّة الغائيّة هي المنشأ للفاعليّة ، ولا يعقل أن يكون عدم الضدّ فاعلاً للضدّ الآخر ، لأنّ الفاعل والعلّة
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧.