عند البحث عن الأصل في الخبرين المتعارضين بناءً على السببيّة هو الإمكان ، فأفاد ما حاصله (١) : أنّه لمّا كان نتيجة القول بالسببيّة تحقّق المصلحة فيما قامت عليه الأمارة ، فإنّه يكون حال الخبرين المتعارضين حال الواجبين المتزاحمين ، فيكونان مجرى قاعدة الترتّب حتّى في صورة أهميّة أحدهما من الآخر ، قال : إنّ التكليف واقع بكليهما ولكلٍّ منهما ملاك الوجوب ، لكنّ القدرة على امتثال كلٍّ منهما تحقّق في ظرف ترك الآخر ، وإذا تحقّقت القدرة حكم العقل بالامتثال.
هذا محصّل كلامه ، ومن وجود لفظة «القدرة» في عبارته يستكشف أنّ المانع عن الواجب الآخر هو العجز ، فالعقل حاكم بلزوم الامتثال في كلّ فردٍ قد تحقّقت القدرة عليه منهما.
ثمّ ذكر : إنّ هذه القاعدة جارية في جميع موارد الواجبين المتزاحمين.
ومن الواضح : إنّ مقتضى تعليقه الأمر على القدرة ، فإنّه مع ترك الأهمّ تكون القدرة موجودة بالنسبة إلى المهم ، هو الالتزام بالترتّب.
ومن هنا قال الميرزا : ومن الغريب أنّ العلاّمة الأنصاري قدسسره مع إنكاره الترتب وبنائه على سقوط أصل خطاب المهم دون إطلاقه ، ذهب في تعارض الخبرين ـ بناءً على السببيّة ـ إلى سقوط إطلاق وجوب العمل على طبق كلٍّ من الخبرين ... (٢).
وذكر في (الكفاية) نظرية القائلين بالترتّب بنحوين فقال : «إنّه تصدّى جماعة من الأفاضل لتصحيح الأمر بالضدّ بنحو الترتّب على العصيان وعدم إطاعة
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ / ٣٦ ـ ٣٧ ط مجمع الفكر الاسلامي.
(٢) أجود التقريرات ٢ / ٥٧.