وبعد هذا ... أين يكون التمانع؟
تلخّص :
إن المحقق الخراساني يرى بأنّ محذور اجتماع الضدّين لا يرتفع بكون أحد الخطابين مطلقاً والآخر مقيّداً ، فمع التنزّل عن كون عصيان الأمر بالأهم شرطاً للأمر بالمهم بنحو الشرط المتأخّر ، اللاّزم منه تحقق التمانع من الطرفين ، يكون الطّرد من طرف الأمر بالأهم كافياً للزوم المحذور ....
فأجاب المحقق النائيني : بجعل الشرط شرطاً مقارناً لا متأخّراً ، وذكر أنّ الأمر بالأهم يدعو إلى امتثال متعلّقه مطلقاً ، أي سواء كان في قباله أمر بالمهم أو لا ، لكن الأمر بالمهم جاء مقارناً لعصيان الأمر بالأهم ومشروطاً به ، ولا تعرّض له لهذا الشرط لا وضعاً ولا رفعاً ، فالأمر بالمهم غير طارد للأمر بالأهم ، كما أن الأمر بالأهم لا تعرّض له للمهمّ أصلاً ، وإنما يدعو إلى متعلّقه كما تقدّم.
والحاصل : إنّ الأمر بالمهمّ لا يتكفّل شرطه ـ وهو عصيان الأمر بالأهمّ ـ فلا اقتضاء له بالنسبة إليه ، والأمر بالأهم لا يدعو إلاّ إلى متعلّقه ، فلا اقتضاء له بالنسبة إلى متعلّق الأمر بالمهم ، ولا نظر له إليه أبداً ، نعم ، لو كان مفاده أنك إن عصيت الأمر بالأهمّ فلا تأت بمقتضى الأمر بالمهم ، لزم طلب الضدّين ... ولذا قال الميرزا : لا الأمر بالمهم يترقى إلى الأمر بالأهم ، ولا الأمر بالأهم يتنزل إلى الأمر بالمهم.
وبعبارة أُخرى : التمانع ليس في مرتبة الملاك والغرض من الخطابين ، وليس في مرتبة الإرادة والشوق إليهما ـ فإن الإرادة تابعة للملاك والغرض ـ وليس في مرتبة الإنشاء ، لأنه ـ سواء كان الاعتبار والإبراز أو إيجاد الطلب ـ لا محذور في الإنشاءين ، وتبقى مرحلة اقتضاء الخطابين ، ووجود التمانع في هذه المرحلة ليس