وقد استدلّ لما ذهب إليه بوجوه :
الأوّل : إنّ وجوب المقدّمة لمّا كان من باب الملازمة العقليّة ، فالعقل لا يدلّ عليه زائداً على القدر المذكور.
والثاني : إنّه لا يأبى العقل أنْ يقول الآمر الحكيم : أريد الحج وأريد المسير الذي يتوصّل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصّل إليه ، بل الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك ، كما أنّها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيّتها له مطلقاً أو على تقدير التوصّل بها إليه ، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدّماته على تقدير عدم التوصّل بها إليه.
والثالث : إنّ الأمر تابع للغرض الداعي إليه ، ولا يمكن أن يكون الأمر أضيق أو أوسع من الغرض ، والذي يدركه العقل هو أنّ الغرض من إيجاب المقدّمة ليس إلاّ التوصّل بها إلى الواجب ، فالأمر ليس إلاّ في خصوص المقدّمة الموصلة.
وقد أورد المحقّق الخراساني على نظريّة الفصول وجوهاً من الإشكال (١) : ١ ـ إنّه تارةً : يكون بين المقدّمة وذيها واسطة اختياريّة. وأُخرى : تكون النسبة بينهما نسبة الفعل التوليدي إلى السبب التوليدي كالإلقاء في النار وحصول الاحتراق ... ولازم مبنى الفصول خروج القسم الأوّل من المقدّمات من تحت قاعدة الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله. بيان الملازمة :
إنّ ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة في التوليديّات واضح ، لأنّه بمجرّد الإلقاء في النار يحصل الاحتراق. أمّا في مثل الحج وغيره من الواجبات الشرعيّة ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١١٥.