سلسلة علل الأحكام الشرعيّة ، بمعنى أنّ العقل إذا أدرك المصلحة الملزمة غير المزاحمة بالمفسدة ، أو المفسدة الملزمة غير المزاحمة بالمصلحة ، فإنّ تلك المصلحة أو المفسدة تكون علّةً للوجوب أو الحرمة ، لكون الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد ، فمثل هذه الأحكام تكون مورداً للقاعدة.
والحاصل : إنّ الأحكام العقليّة على قسمين ، فما كان منها في طول الأحكام الشرعيّة فلا يكون مورداً للقاعدة ، وما كان منها في سلسلة العلل لها فهي مورد للقاعدة.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ مورد بحثنا خارج خروجاً موضوعيّاً عن مورد القاعدة ، لأنّه ليس في مقامنا إلاّ درك العقل التلازم في الإرادة والاشتياق بين المقدّمة وذي المقدّمة ، وهذا التلازم أمر تكويني وليس وظيفةً للعبد ، فالعقل يرى هذه اللاّبدّية لكن لا بعنوان كونها وظيفةً من وظائف العبوديّة ....
وتلخّص : عدم تماميّة القول بالوجوب الشرعي للمقدّمة عن طريق قانون الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع.
ما نقله في الكفاية عن أبي الحسين البصري (١) وهو أنّه : لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها ، وإذا تحقّق الترك ، فلا يخلو حال ذي المقدّمة من أنْ يبقى على وجوبه فيلزم التكليف بما لا يطاق ، أو يخرج عن الوجوب المطلق ويكون مشروطاً بوجود المقدّمة ، وهذا خلف.
أجاب في الكفاية : بعدم لزوم شيء من المحذورين ، بعد حكم العقل
__________________
(١) مع اصلاح الاستدلال بأن يكون المراد من «جواز الترك» : عدم المنع لا الاباحة ، وإنّ الموجب للتكليف بما لا يطاق هو الترك لا جواز الترك.