لمعارضته بجريانها عن وجوبه النفسي قبل الوقت ، للعلم الإجمالي بأنّه إمّا واجب نفسي أو واجب غيري ، وجريان البراءة عن كليهما مستلزم للمخالفة القطعيّة العمليّة ؛ فلا بدّ من الاحتياط والوضوء قبل الوقت ، فإن بقي إلى ما بعده أجزأ عن الوضوء بعده ولا تجب الإعادة ، وإلاّ وجبت لحكم العقل بالاحتياط.
وعلى الثاني : فلا معنى لإجراء البراءة عن وجوب الوضوء قبل الوقت ، لعدم احتمال تقيّده به ، لأنّ مفاد أصالة البراءة رفع الضّيق عن المكلّف لا رفع السّعة ، وأمّا بعد الوقت فيحكم العقل بوجوب الوضوء ، للعلم الإجمالي بوجوبه إمّا نفسيّاً وامّا غيريّاً ، ولا يمكن إجراء البراءة عنهما معاً ، ومعه يكون العلم الإجمالي مؤثّراً ويجب الاحتياط.
نعم ، لو شككنا في وجوب إعادة الوضوء بعد الوقت على تقدير كونه غيريّاً ، أمكن رفعه بأصالة البراءة ، لأنّ تقييده بما بعد الوقت على تقدير كون وجوبه غيريّاً مجهول ، فلا مانع من الأصل ، لأنّ وجوبه إنْ كان نفسيّاً فهو غير مقيّد بذلك ، وإن كان غيريّاً ، فالقدر المعلوم تقيّد الصّلاة به وأمّا تقيّدها بخصوصيّة بعد الوقت فشيء زائد مجهول ، فيدفع بالأصل.
فالبراءة لا تجري إلاّ في الجهة الأخيرة.
وخالف الشيخ الأُستاذ الميرزا القائل بالبراءة في الصّورة ، والسيد الخوئي القائل بالتفصيل فيها كما تقدَّم ، واختار الاحتياط في الجهات الثلاثة ، أي : وجوب الإتيان بالوضوء قبل الصّلاة ... وخلاصة كلامه هو :
إنّ جريان أصالة البراءة في أطراف العلم الإجمالي موقوف على إخراج مورد الشّبهة عن الطرفيّة للعلم وكون الشك فيه بدويّاً ، وإلاّ لم يجر الأصل. هذا