وتصدّى الميرزا لتصحيح الترتّب والردّ على إشكال الكفاية ، وذكر لذلك مقدّمات(١):
المقدّمة الأُولى(في التحقيق عن منشأ الإشكال)
ففي المقدّمة الأُولى حاول التحقيق عن منشأ الإشكال والمحذور في الأمرين المتضادّين بالعرض ، وأنّه هل هو في أصل وجودهما أو في إطلاقهما؟
إن كان منشأ الاستحالة وجود الأمرين فهو صحيح ، وأمّا إن كان المنشأ هو الإطلاق فيهما ، فالمحذور مرتفع والترتّب ضروري. وبيان ذلك :
إنّه لو يكن بين الواجبين تضادّ ، كما لو أمر بالصّلاة بنحو الاطلاق وأمر بالصوم كذلك ، كان نتيجة الإطلاقين هو مطلوبية كليهما ، والجمع بينهما ممكن ولا تضاد. أمّا لو قُيد أحدهما بأنْ قيل : صلّ فإن لم تصلّ فصُم ، كان نتيجة التقييد عدم مطلوبيّة كليهما ، فلو صلّى وصام لم يكن ممتثلاً لأمرين ... هذا لو لم يكن تضادّ بين الواجبين.
فإن كانا متضادّين كالصّلاة في أوّل الوقت وإزالة النجاسة عن المسجد ، فإنّ الإطلاق فيهما يقتضي أن يكون كلاهما مطلوبين. أمّا لو تقيّد أحدهما بترك الآخر وعصيانه ، فوقوعهما على وجه المطلوبية محال.
والحاصل : إن كلّ دليلٍ يشتمل على أصل الطلب وعلى إطلاق الطلب ، والاستحالة إنّما تتحقّق من إطلاق الدليلين لا من أصل وجودهما ، فلو حصل تقييد في أحد الطرفين لا يكونان مطلوبين ، فلا يتحقّق طلب الضدّين وهو غير مقدور.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٥٥.