الفعل ، وهنا جواز الترك إلى بدلٍ في الموضوع ـ وقد ذكر وجهين لهذه الدعوى :
(أحدهما) من جهة العلّة للحكم وهو الغرض ، إذ الغرض واحد والفعل واحد وهو الحامل للغرض ، وحينئذٍ ، يستوي الحال بالنسبة إلى أفراد المكلّفين ، فكلّ من أتى به فقد حصل الغرض وتحقّق الامتثال.
فالحاصل : إنّ موضوع التكليف هو كلّ الأفراد ـ لا جميعهم ، لوحدة الغرض والفعل ، ولا الأحد المفهومي المردّد منهم ، لأنه غير حاملٍ للغرض ، ولا الأحد المردد المصداقي ، لأنه لا وجود له ـ لكن سنخ التكليف هو أن الوجوب المتوجّه إلى كلّ واحدٍ مشوب بجواز الترك له في حال قيام غيره به.
ولو أتى الجميع بالفعل ـ كأن صلّوا جماعةً على الميّت ـ كان الامتثال حاصلاً بفعل الكلّ ، من باب توارد العلل المتعددة على المعلول الواحد.
وهذا هو (الوجه الثاني).
ثم إنّ المحقق الأصفهاني (١) قد وافق صاحب (الكفاية) في أصل الرأي ، إلاّ أنه خالفه في الوجه الثاني من الوجهين المذكورين ، لبطلان توارد العلل على المعلول الواحد في الصّلاة على الميت وغيره من الواجبات الكفائية القابلة للتعدّد ، فلو صلّى كلّ واحدٍ من المكلّفين على الميت ، كانت صلاته ذات مصلحة ، فلم يتحقّق توارد العلل على المعلول الواحد ، هذا بالنسبة إلى أصل المصلحة. وأمّا المصلحة اللّزوميّة فهي ليست إلاّ واحدة ، تتحقّق بقيام أيّ واحدٍ من المكلّفين بالصّلاة على الميّت ، فنسبتها إلى جميع المكلّفين على حدٍّ سواء ، ولذا يحصل الامتثال بفعل أيّ واحدٍ منهم ... فلا توارد للعلل ، لا في أصل المصلحة
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٧٧.