الفاعليّة للضدّ الآخر هو مقتضي وجود ذاك الضدّ ، فلا يكون عدم أحد الضدّين فاعلاً للضدّ الآخر.
على أنّ الفاعليّة ـ أو تتميم الفاعليّة ـ منوطة بأنْ يكون هناك أثر ومنشأ للأثر ، والعدم لا يمكن أن يكون مؤثّراً.
وتلخّص : أنّه لا توجد أيّة نسبة عليّةٍ ومعلوليّة بين الضدّ كالبياض وعدم الضدّ كعدم السّواد.
فانحصر أنْ تكون النّسبة بينهما نسبة الاشتراط ، فعدم السّواد شرط لوجود البياض ... وقد ظهر أنّ الشرط إمّا هو متمّم لفاعليّة الفاعل أو متمّم لقابليّة القابل ... أي : إمّا يجعل الفاعل المقتضي مؤثّراً ، أو يجعل القابل قابلاً للأثر ، لكنّ عدم الضدّ لا يمكن أن يكون متمّماً لفاعليّة الضدّ الآخر ، لما تقدّم من أنّ الضدّ الآخر ليس فاعلاً للضدّ ، على أنّ العدم لا يكون مؤثراً كما تقدّم أيضاً.
بقي صورة أن يكون عدم الضدّ متمّماً لقابليّة المحلّ لوجود الضدّ الآخر ، وهذا أيضاً محال ، لأنّه إن أُريد من قابليّة المحلّ أن يكون قابلاً لوجود كلا الضدّين معاً ، فهذا محال ، وإنْ أُريد أن يكون قابلاً لأحدهما ، فإنّ هذه القابليّة موجودة بالذات ومن غير حاجةٍ إلى المتمّم.
وقد أورد عليه الأُستاذ في ما ذكر في الشقّ الأخير ، من أن عدم أحد الضدّين متمّم لقابليّة المحلّ للآخر وكونه قابلاً لأحدهما قابليّةً ذاتيةً : بأنّه إن كان المراد من «أحدهما» هو الأحد المردّد ، فهذا غير معقول ، لأنّ المردّد لا ذات له ولا وجود ، فالمراد هو «الأحد» الواقعي. أي : إنّ الجدار قابلٌ للبياض وقابل للسّواد ، لكنّ الإهمال في الواقعيّات محال ، إذن ، يكون قابلاً للبياض ـ مثلاً ـ إمّا بشرط وجود