تعالى (أَقيمُوا الصَّلاةَ) (١) فإنّها تعمّ البالغين والمميّزين الذين يتمشّى منهم القصد ، خاصّةً المميّز المقارب للبلوغ ، فهذا مقتضى الإطلاقات ، وليس في مقابلها إلاّ حديث رفع القلم. فإنْ كان المرفوع به هو خصوص المؤاخذة ، فلا إشكال كما هو واضح ، وأمّا إن كان المرفوع به هو التكليف أو هو والمؤاخذة ، فإنّ مقتضى كونه في مقام الامتنان هو رفع الإلزام لا أصل التكليف ومحبوبيّة العمل ، فيكون العمل منه مطلوباً ومشروعاً.
وناقش السيد الخوئي (٢) الاستدلال المذكور ، وقال بشرعيّة عبادات الصبيّ بوجهٍ آخر ، وهو الدلالة العرفيّة للنصوص على ذلك ، لأنّ «الأمر» يفارق «العلم» ، من جهة أنّ العلم قد يؤخذ موضوعاً وقد يؤخذ طريقاً وقد يؤخذ جزءاً للموضوع ، فالوجوه التي ذكرها صاحب (الكفاية) في مقام الثبوت تأتي في «العلم» ونحوه ، لكنّ «الأمر» ليس إلاّ طريقاً عرفيّاً إلى مطلوبيّة الشيء ، فإذا أمر الآمر غيره بأن يأمر الثالث بالقيام بعملٍ ، كان تمام النظر إلى ذلك العمل ، واحتمال أن يكون المصلحة في نفس الأمر لا يقاوم هذا الظهور العرفي والعقلائي ، وبذلك يستدلُّ على شرعية عبادات الصبيّ.
وأفاد الأُستاذ دام ظلّه : بأنّ مقتضى الظهور الأوّلي كون متعلّق الأمر الأول هو
الأمر من الثاني ، ومطلوبيّة الفعل للآمر الأوّل يحتاج إلى مزيد بيان ....
أمّا التمسك بالإطلاقات ففيه : إن الوجوب بسيط لا يتبعّض ، فهو ليس مركّباً
__________________
(١) سورة البقرة : ٤٣.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٣ / ٢٦٤ ـ ٢٦٦.