وعلى الجملة ، فإنّ المقتضي ـ وهو الموضوع ـ منشأ للأثر ، والشرط هو ما يساعد على تأثير المقتضي أثره ، فكلّ من الموضوع والشرط جزء للعلّة التامّة ، ويستحيل رجوع أحد الأجزاء إلى الجزء الآخر ... فهذا هو الإشكال على الميرزا رحمهالله.
لكن الميرزا يصرّح : بأنّه ليس حكم الموضوع والشرط حكم أجزاء العلّة التكوينيّة ، بل الموضوع في الأحكام الشرعية هو المكلّف ، وشرط التكليف هو البلوغ والعقل ، والحكم إرادة المولى بحسب الملاكات. فليس البلوغ ـ مثلاً ـ متمّماً للاقتضاء أو لقابليّة المحلّ القابل ، بل الملاكات هي التي تؤثر في إرادة المولى ، وهو يجعل الحكم ويعتبره عند تحقّق الشرط ... فالإناطة التي كانت قبل تحقق الشرط موجودة بعد تحققه ، ولا يصير الواجب المشروط بعد تحقق الشرط واجباً مطلقاً ، بل الحكم المشروط بعصيان الأهم يبقى مشروطاً بعد تحقق العصيان أيضاً ... فالإشكال مندفع.
نعم ، لو كان مراده أنّ كلّ شرط موضوع وكلّ موضوع شرط في جميع الآثار ، فهذا غير تام ، ففي باب المفاهيم ـ مثلاً ـ لو كان كلّ شرط موضوعاً بلا فرق ، كان معنى قولك : «إن جاءك زيد فأكرمه» : زيد الجائي إليك أكرمه ، ومعنى الآية : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) : الفاسق الجائي إليكم تبيّنوا عنه ، وحينئذٍ ، ينتفي مفهوم الشرط ويرجع الكلام إلى مفهوم اللقب ، وهذا ليس بمرادٍ للميرزا. بل المراد هو : إنّ الشرط والموضوع بمنزلة واحدةٍ في إناطة الحكم وتعليقه عليهما ، فكلّ حكم منوط بالموضوع حدوثاً وبقاءً ، ومنوط بشرطه حدوثاً وبقاءً كذلك.
المقدمة الثالثة (في دفع الإشكال على الميرزا)
والغرض منها دفع ما يرد على الميرزا بناءً على مبنى الترتب وذلك :
إنه في الواجب المضيّق يعتبر وجود الحكم قبل زمان امتثاله ، فوجوب