يعقل أن يتنزل ويقتضي شيئاً آخر غير رفع موضوع خطاب المهم ، فكلا الخطابين وإن كانا محفوظين في ظرف العصيان ومتّحدين زماناً إلاّ أنهما في مرتبتين طوليّتين.
توضيحه :
إن الأمر بالأهمّ مطلقٌ بالنسبة إلى الأمر بالمهمّ ، لكن الأمر بالمهمّ مقيّد بعصيان الأمر بالأهم ، فليس للأمر بالأهمّ إلاّ الاقتضاء الذاتي لمتعلّقه أعني الإزالة ، لأنّ كلّ أمرٍ إنّما يدعو إلى متعلّقه ، فهو يقتضي الطاعة بفعل الإزالة وهدم عصيان الأمر بها ، ولا يخفى أنّ الاقتضاء غير التقييد ، فهو يقتضي الفعل والطاعة لا أنّه مقيّد بالفعل والطاعة ، لأنّ تقييد الخطاب بالفعل أو المعصية محال ، لكونهما متفرّعين على الخطاب.
أمّا الأمر بالمهم ، فهو مقيّد بعصيان الأمر بالأهم ، فكان عصيانه موضوع الأمر بالمهم ، وقد تقرّر أن الحكم لا يتكفّل موضوعه ، بل يترتّب عليه عند تحقّقه ، فلا اقتضاء للأمر بالمهم لتحقق موضوعه وهو عصيان الأمر بالأهم ، أمّا الأمر بالأهمّ فكان له اقتضاء الطاعة وعدم العصيان ... وبعبارةٍ أُخرى :
إن الأمر بالمهم يدعو إلى متعلّقه ـ وهو الصّلاة ـ عند تحقق شرطه وهو عصيان الأهم أي الإزالة ، وإذا كان مشروطاً بذلك فهو في مرتبةٍ متأخرةٍ عن الشرط ، لكنّ الأمر بالأهمّ في مرتبة متقدّمة ويقتضي عدم العصيان ، ....
فكان الحاصل : وجود الاختلاف الرتبي بين الأمرين وأنّ الأمر بالأهمّ متقدّم ، ووجود الاختلاف بينهما من حيث المقتضى ، إذ الأمر بالأهم له اقتضاء بالنسبة إلى العصيان ويريد هدمه ، والأمر بالمهم لا اقتضاء له بالنسبة إليه ، وإنما هو شرط له ويتحقق ـ الأمر بالمهم ـ عند تحقّقه ....