عبد الله بن الفقييه فله توبة تضرب في السّماء ونوبة تضرب في الأرض وشرب من كأس الحمّيا حتى روي أو كما قال.
وفيها (١) : في شهر رجب توفي الشّيخ الإمام شيخ الإسلام خاتمة أهل الفتيا والتدريس ناشر علوم محمد بن إدريس الحافظ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري بمكة ، ودفن بالمعلاة في تربة الطبريين (٢) وكان بحرا في علم الفقه وتحقيقه لا تكدرّه الدلاء ، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون ، وانعقدت عليه بخناصرها الملا ، إمام اقتدت به الأئمة ، وهمام صار في إقليم الحجاز أمه مصنفاته في العصر آية يعجز عن الإتيان بمثلها المعاصرون ، وفتاويه في الدّهر غاية يقصر عن بلوغ مداها العالمون ، فهم عنها قاصرون ، وأبحاثه في المذهب كالطّراز المذهب ، طالماطاب للواردين من منهل تدريسه صفاء المشارب ، وطالما طاف حول كعبة مناسكه من الوافدين من يريد وفاء المآرب ، ولد في رجب سنة تسع وثمانمائة ، ومات أبوه وهو صغير فكفله الإمامان الكاملان علما وعملا العارف بالله شمس الدين بن أبي الحمائل وشمس الدين الشّناوي ، ثم إن الشمس الشناوي ، نقله من بلده محلة أبي الهيتم إلى مقام القطب الشريف سيدي أحمد البدوي نفع الله به ، فقرأ هناك على عالمين به في مبادي العلوم ، ثم نقله في سنة أربع وعشرين وهو في سن أربع عشرة سنة إلى الجامع الأزهر مسلما له إلى رجل صالح من تلامذة شيخه الشناوي وابن أبي الحمائل ، فحفظه حفظا بليغا وجمعه بعلماء مصر في صغر سنه فأخذ عنهم ، وكان قد حفظ القرآن في صغره ومن مشايخه الذي أخذ عنهم شيخ الإسلام القاضي زكريا الشافعي ، والشيخ الإمام المعمر الزيني عبد الحق السنباطي ، والشيخ الإمام مجلى النفس الشافعي ، وجماعة لم أذكرهم خوف الإطالة ، وأذن له
__________________
(١) النور السافر : ٢٥٨. وانظر في ترجمته «ابن حجر الهيتمي» لعبد المعز الجزار طبع سنة ١٤٠١ ه.
(٢) الأصل : الضريس.