وثمانمائة ، وكان من أهل الأحوال والحقائق والأسرار والدقائق ، وكان له كرامات خارقه ومنامات صادقة ، وكان مخرّقا في الظاهر معمور الأسرار ومعمور السرائر ، اشتغل بطلب العلم الظاهر على والده واجتهد في العبادة والتقشف وأخذ الطّريقة عن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ عبد الرحمن بن عمر باهرمز نفع الله به ، قال رحمهالله : وقفت بين يدي شيخي وسيدي عبد الرحمن بن عمر باهرمز عشية الاثنين ثاني رجب وقال لي : قد حكمتك وأنا شيخك فيها وفي علوم لم يطلع عليها ملك مقرب ولا نبي مرسل ، وأنت نائب عني بل أنت أنا ، قلت أن لي وردا من أول آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم وهو ألف كل يوم ، قال : ابق عليه وإن زدت منه فهو خير لك وأبشر فإنهم معطينك أكثر مما توهم ما غير ما يجيئك إلا في العرض من غير ما تأمله ، قال : وكان كثيرا ما يأمرني بالتّلبس بأفعال العامة ، ويدلني على الظهور بما لا ينسب فاعله إلى طريقة القوم نفع الله به ، قال : واستأذنت شيخي في دخول الأربعينية فقال لي أربعينيتك أن تحفظ لسانك وعينك وأذنك من المحّرمات أربعين يوما ، وأما الأربعينية المعروفة فلا تدخلها انتهى.
قال الفقيه عبد الله باسنجلة : أخبرني الشيخ عبد الله بن محمد بن عمر عباد قال : اجتمعت بالفقيه عمر بامخرمة عند الشيخ محمد عباد وحصلت مذاكرة بينهم في علم التّصوف ، وكان ذلك اليوم رابع شهر شوال سنة اثنتين وخمسين فقال الفقيه عمر بامخرمة :
أعط المعية حقها |
|
وألزم له حسن الأدب |
واعلم بأنك عبده |
|
في كل حال وهو رب |
وأشار إلى بعض الحاضرين ، وقال : أتعرف معنى هذين البيتين فقال : لا ، فقال : أنتم تضحكون على التصوف ، ثم قال رضياللهعنه : أما المعية فهي الإجلال والتعظيم وعلم التصوف في هذين البيتين ، قال : ولم يعش الفقيه بعد هذا الكلام إلّا ستة وأربعين يوما ، وتوفي رحمهالله تعالى ،