توفي عبد الحق يوم عروبة |
|
بمكة عند الصبح بدء تمامه |
قضى عالم الدنيا كان لم يكن بها |
|
سقى الله قبرا ضمّه من غمامه |
وزد واحدا فوق الثلاثين مردفا |
|
بتسع مئي واجعله عام حمامه |
وفجع الخلق عليه وكثر الأسف بموته ، وبالجملة فإنه كان بقية شيوخ الإسلام وصفوة العلماء الأعلام ، نشأ ببلدة سنباط (١) ، وحفظ القرآن والمنهاج الفرعي ثم أقدمه أبوه القاهرة في القعدة سنة خمس وخمسين ، فحفظ بها العمدة والألفيتين والشاطبيتين ، والمنهاج الأصلي ، وتلخيص المفتاح والجعبرية في الفرائض والخزرجية ، وعرض على خلق كالجلال البلقيني والمحلي وابن الهمام والديري ، وعدّد في ترجمته خلق كثير ممن أخذ عنهم والكتب التي قرأها عليهم اختصرت ذلك لئلّا يطول الكلام ، وتصدّى للإقراء بالجامع الأزهر وغيره ، وأقرأ الطلبة بالمسجدين المكي والنبوي متونا كثيرة ، ثم ملّك كتبه أولاده ، ونزل لهم عن وظائفه ، وتخلّى عن الدنيا وتكفّل به أولاده وانتفع به خلائق لا يحصون ، ثم عاد إلى مكة في موسم سنة ثلاثين بأولاده وعائلته وأقاربه وأحفاده ليموت بأحد الحرمين ، فانتفعت به البلاد واغتبط به العباد ، فأخذ عنه النّاس طبقة بعد أخرى ، وألحق الأحفاد بالأجداد ، واجتمع فيه كثير من الخصال الحميدة كالعبادة والحلم والتواضع وصفاء الباطن والتّقشف وطرح التّكلف ، بحيث علم بهذا من طبعه كل من اجتمع به ، ولا زال على جلالته وعظمته إلى أن لقي الله ، نفعنا الله به وببركاته.
__________________
(١) سنباط : بليدة حسنة في جزيرة قوسنيا من نواحي مصر «ياقوت : معجم البلدان ٣ : ٢٦١».