وأنا الغريب وأنت ذلك وبيننا |
|
رحم يحق لمثلها أن توصلا |
ولقد أجاد فيها كل الإجادة رحمهالله تعالى ، وبالجملة فإنه آية من آيات الله ، وكتبه تدل على غزارة علمه وكثرة اطلاعه ، وكان غاية في التحقيق وجودة الفكر والتدقيق ، وكان مولده ليلة النّصف من شعبان سنة تسع وستين وثمانمائة بحضرموت ، ونشأ بها فحفظ القرآن ومعظم الحاوي ومنظومة البرماوي في الأصول وألفية النحو بكاملها ، وأخذ عن جماعة من فقهاء حضرموت منهم الفقيه الصالح محمد بن أحمد باجرفيل ، ثم ارتحل إلى عدن ولازم عبد الله بن أحمد بامخرمة ، واشتغل عليه في الفقه وأصوله والعربية حتى كان جلّ انتفاعه به فقرأ عليه في جميع ألفية ابن مالك في النحو وسيرة ابن هشام وجملة صالحة من الحاوي الصّغير في الفقه ، وسمع عليه جملة من علوم شتىّ ، وكذلك أخذ عن الفقيه الصالح محمد بن أحمد بافضل ، ثم ارتحل إلى زبيد ، وأخذ عن علمائها علم الحديث فأخذ عن زين الدين محمد بن أبي بكر الصايغ الحديث والتفّسير والنحو ، وقرأ عليه شرح البهجة الوردية لأبي زرعة ، وأخذ أيضا عن الشريف السّيد حسين بن عبد الرحمن الأهدل ، وألبسه خرقة التصوف ، وصحب السيد الكبير الشيخ أبا بكر بن عبد الله العيدروس نفع الله به وأخذ عنه وانتفع به ، ولما حج سمع من الحافظ السخاوي وسلك السّلوك في التصوف ، وحكي عنه إنه قال : دخلت الأربعينية ، بزبيد فما أتممتها إلّا وأنا أسمع أعضائي كلها تذكر الله ، ولزم الجد والإجتهاد في العلم والعمل ، وأقبل على [نفع](١) الناس إقراء وإفتاء وتولى القضاء بالشحر ، فصدع بالحق ، وحمدت أحكامه وعزل نفسه عن القضاء ، ثم عزم إلى عدن وحصل له قبول وجاه عند الأمير مرجان الظافري ، ثم لمّا مات مرجان عزم إلى الهند ووفد على السلطان مظفر فقربه وعّظمه وزاد في تعظيمه وتبجيله ، وأنزله المنزلة التي تليق به ، وبالجملة فمحاسنه كثيرة وفضائله شهيرة ومن مقاطعيه في الشعر :
__________________
(١) ساقط من الأصل.