في إنجاز الوعد بالدخول إلى عدن ، والأمير يعتذر حتى تلطف في ذلك وتقرب عند الأمير إنه ما عسى أن يكون عمله إن أدخله فالحصون بيد الأمير والعسكر على رأسه والمال تحت يده ، فرأى أن يدخله ليقيمه في عدن أياما ثم يجهزه إلى الجبل ، فأذن له في الدخول فدخلها أواخر ربيع الأول فخرج الأمير إلى ملاقاته فنزلا جميعا إلى دار السعادة ، وقد هيأ بها ضيافة عظيمة حضر فيها أعيان البلد والجند ، وأسكنه في بيت من بيوت دار السعادة السفلى البحرية ، فكان لا يدخل على الشيخ عبد الملك من الناس أحد لا يعلم الأمير ، فضاق حال الشيخ عبد الملك من ذلك ولم يزل يتلطّف بالإمير حتى أذن له بالانتقال إلى بيت الزيبق ، وهو بيت معروف بعدن ، وهو مظهر الإنقياد لأمر الأمير واتباع رأيه ، وإنه متى أمره بالخروج من البلد خرج وما يريد من الأمير إلّا أن يجهزه بما لا بد منه من مؤن سفره ويحضر كل يوم عند الأمير على الغدا والعشا ، وفي الباطن إذا اختلى بالعسكر وكبرائهم يستميلهم في القيام معه ونصرته ويعدهم ويمنيهم ، فكل منهم يقول لا يمكن إظهار القيام معك إلّا إذا كان معك يافع ، لأنهم كانوا أكثر أهل البلد عدة وعددا ، فلم يزل يستميل ويحتال (١) بكبار يافع ويعدهم ويمنيهم حتى مالوا معه وحلف لهم وحلفوا له ، وربما كان الواسطة بينهم وبينه الشريف علي بن سعيد (٢) الحسيني فإنه شمر في القيام معه تشميرا كاد أن يكون فيه هلاكه ولكن حماه الله ، فلما توثق من يافع وعبيد اللوا والجبالية بما طابت به نفسه ما خلا العبيد ، وربما استحسن الأمير بشيء من ذلك ، فلازمه بالخروج من عدن فاعتذر بعدم المال والجند ولا يمكنه الطلوع إلى الجبل إلّا بجند كثيف ومال جزيل ومراده بذلك الاستعانة على محاربته ، فلم يمكنه الأمير شيء مما ذكر ، وهمّ عبد الله بن عبد النبي وغيره من أصحاب الأمير بلزم الشيخ عبد الملك أو بقتله في الجامع فأدخلوا الحسيني الكردي المقصورة ليفتك بالشيخ لزما أو قتلا ، ويقال إن
__________________
(١) كذا وفي القلائد ويحيل ولعله ويختلى.
(٢) الأصل : معبد.