يأكل فاكهة حنث بأكل واحد من ذلك ، وفي البطيخ تردد.
أقول : الفاكهة : اسم لما يتفكه به بعد الطعام وقبله ، وليس المقصود منه التقوت بل التنعم ، فهل البطيخ فاكهة؟ تردد المصنف في ذلك ، من أنه يصدق عليه اسم الفاكهة عرفا ، ولان له نضجا كنضج الرطب ، يحلو إذا نضج ويوكل كالعنب فيكون فاكهة ، ومن أنه من الخضروات كالقثاء والخيار ، ولا خلاف في أن الخضروات ليست فاكهة فلا يكون البطيخ فاكهة ، ولأنه ورد في تفسير قوله تعالى (أَزْكى طَعاماً) (٣١) ، أنه البطيخ فلا يكون فاكهة.
والأول مذهب الشيخ في المبسوط ، واختاره العلامة في الإرشاد والتحرير ، وهو مذهب الشهيد ، لأنه عد من الفاكهة حب الصنوبر والبطيخ بقسميه ، واشترط العلامة في التحرير الرطوبة فلا يحنث يابس الفاكهة.
قال رحمهالله : إذا قال : لا شربت ماء هذا الكوز لم يحنث إلا بشرب الجميع.
أقول : إذا قال : والله لا شربت ماء هذا البئر ، هل يحنث بشرب البعض أو لا يحنث الا بشرب الجميع دون البعض؟ قيل : لا يحنث بشرب البعض لأصالة براءة الذمة ، ولأن الكلام يحمل على الحقيقة دون المجاز ، وحقيقة ماء البئر جميعه ، فاذا شرب البعض لم يحنث ، لأن اليمين تعلقت بجميع ماء البئر وهو لم يشربه فلم يحنث ، فلهذا استحسنه المصنف.
والمشهور الحنث بالبعض حملا لليمين على العرف والعادة ، وهي لم تجر بشرب جميع ماء البئر إذ لا يمكن ذلك ، فيحمل الكلام على عدم الشرب من مائها ، لأن بذلك جرت العادة ، وهو المعتمد.
قال رحمهالله : إذا قال : لا شربت لك ماء من عطش ، فهو حقيقة في تحريم الماء ، وهل يتعدى الى الطعام؟ قيل : نعم عرفا ، وقيل : لا تمسكا بالحقيقة.
__________________
(٣١) الكهف : ١٩.