كالخالق والرازق التي هي أبعد في الانعقاد من الأسماء الدالة على صفات الذات ، كالرحمن الرحيم هذا كلامه رحمهالله ، لأن صفاته تعالى على قسمين : صفات ذات ، وصفات فعل ، وصفات الذات كالرحمن الرحيم ، وكعظمة الله وجلالة الله وقدرة الله وكبرياء الله وما شابه ذلك ، وصفات الفعل كالخالق والرازق والمصور ، فكما أن الخالق فاعل الخلق والرازق فاعل الرزق ، فكذا مقلب القلوب ، لأنه فاعل التقليب.
وانما كانت صفات الافعال أبعد في الانعقاد من صفات الذات ، لأن صفات الافعال مشتركة بينه وبين خلقه ، فإنه يقال : خالق الخلق له تعالى ، وخالق الافك لغيره تعالى ، ويقال : رازق الخلق له تعالى ، ورازق الجند لغيره تعالى ، ورب العالمين له تعالى ورب البيت لغيره ، وصفات الذات مختصة به تعالى ، والحلف بالصفة المشتركة أبعد في الانعقاد من الحلف بالصفة المختصة.
قال رحمهالله : ولو قال : وقدرة الله ، وعلم الله ، فان قصد المعاني الموجبة للحال لم ينعقد اليمين ، وإن قصد كونه قادرا عالما جرى مجرى القسم بالله القادر والعالم ، وكذا ينعقد بقوله : وجلال الله وعظمة الله وكبرياء الله ، وفي الكل تردد.
أقول : المراد بالمعاني الموجبة للحال ما ذهب إليه الأشاعرة من كونه قادرا بقدرة وعالما بعلم ، فان قصد الحالف هذه المعاني لم ينعقد يمينه قطعا ، وان قصد كونه قادرا عالما انعقدت يمينه عند الشيخ وابن إدريس والعلامة من غير تردد ، وكذا الحلف بعظمة الله وجلال الله وكبرياء الله ، وما شابه ذلك من صفات الذات لم يترددوا في الانعقاد ، والمصنف تردد في ذلك من أن انعقاد اليمين حكم شرعي يفتقر ثبوته الى دليل شرعي لأصالة براءة الذمة ، والدليل إنما دل على انعقادها بالحلف به أو بأسمائه المختصة أو المشتركة مع انصراف إطلاقها إليه لقوله عليه