الثالث : ذهب الشهيد الى جواز مطالبة المنذور له للناذر بالنذر على كل تقدير ، سواء كان النذر معلقا بعين مشخصة أو بشيء مقدر بالذمة ، وسواء كانت صفة النذر أن له على كذا أو أتصدق عليه أو أهدى اليه ، وهو يشكل على القول بالمواسعة وهو مذهبه ، لأن كل موضع (٢٤) لا يلزم من عليه الحق الدفع حالا ليس للغريم المطالبة ، كالدين (٢٥) المؤجل ، وقد يجاب بأن الدفع هنا واجب وان جاز التأخير ، وإذا وجب الدفع جازت المطالبة بخلاف الدين المؤجل فإن الدفع غير واجب قبل حلول الأجل ، فلهذا لم يجز المطالبة ، وقول الشهيد هو المعتمد إلا أنه مع الامتناع من الدفع لا يجوز حبسه ولا مقاصته لإباحة التأخير له.
الرابع : إذا قيد النذر بعين مشخصة أو قدر الفعل بزمان معين ، فأخر حتى تلفت العين أو فات الزمان اختيارا كان عليه القضاء والكفارة ، وإن كان غير مختار فالقضاء خاصة.
قال رحمهالله : ولو نذر أن يهدي واقتصر ، انصرف الإطلاق في الهدي الى النعم ، وله أن يهدي أقل ما يسمى من النعم هديا ، وقيل : كان له ان يهدي ولو بيضة ، وقيل : يلزم ما يجزي في الأضحية ، والأول أشبه.
أقول : جزم الشيخ في الخلاف بأن إطلاق الهدي ينصرف الى ما يجزي في الأضحية من النعم ، وهو الثني من الإبل والبقر والمعز ، والجذع من الضأن ، سواء نكر مثل أن قال : لله على أن أهدى هديا ، أو عرف بالألف واللام كأن يقول : لله علي أن أهدى الهدي ، واستدل بإجماع الفرقة واخبارهم ، بأنهم رووا : «أن الهدي لا يقع الا على النعم» (٢٦) ، وقوى في المبسوط أن يلزمه أقل ما يقع عليه
__________________
(٢٤) في الأصل : حق.
(٢٥) في «م» و «ر ١» : كالنذر.
(٢٦) الوسائل ، كتاب الحج ، باب ١٠ من أبواب الذبح ، حديث ١ ، ٥ ، ٩ ، ١١.