إجماعا من القائلين بالمنع ، ولو رضيت المسلمة بالكافر لم يبح لها إجماعا ، فقد ظهر الفرق بين اشتراط القدرة على النفقة وبين غيره من الشروط.
قال رحمهالله : وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجبت إجابته وان كان أخفض نسبا ، ولو امتنع الولي كان عاصيا.
أقول : روي (٢٣٨) انه إذا خطب المؤمن إلى غيره بنته وكان عنده يسار بقدر نفقتها ، وكان ممن يرضى أفعاله وأمانته ولا يكون مرتكبا لشيء يدخل فيه في جملة الفساق ، وان كان حقيرا في نفسه قليل المال ، فلم يزوجه إياها كان عاصيا لله تعالى مخالفا لسنة نبيه صلىاللهعليهوآله.
قال ابن إدريس : ووجه الحديث في ذلك انما يكون عاصيا إذا رده ولم يزوجه لما هو عليه من الفقر والانفة منه كذلك (٢٣٩) ، واعتقاد ان ذلك ليس بكفو في الشرع ، فأما إذا رده ولم يزوجه لا لذلك ، بل لأمر آخر وغرض غير ذلك من مصالح دنياه ، فلا حرج عليه ولا يكون عاصيا ، فهذا فقه الحديث.
هذا تحقيق ابن إدريس رحمهالله ، وهو جيد ، الا ان قوله : واعتقاد ان ذلك ليس بكفؤ في الشرع ، فإنه يفهم منه انه لو رده للأنفة من فقره وخفض نسبه مع اعتقاد انه كفوء في الشرع ، فإنه لم يكن عاصيا وهذا غير صحيح ، والا كان تارك الواجب مع اعتقاده انه واجب لم يكن عاصيا ، وهو ضروري البطلان ، لأنه إذا ترك اجابته مع علمه بأنه كفوء في الشرع وان أجابه الكفوء واجبة وانما ترك ذلك لأنفة كان تاركا للواجب مع علمه بكونه واجبا ، وهذا يكون عاصيا إجماعا ، فيكون تقييده للعصيان بالاعتقاد بأنه ليس بكفوء غير صحيح ، بل لو قيده بالاعتقاد بأنه كفوء كان أحسن.
__________________
(٢٣٨) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٢٨ من أبواب مقدمات النكاح.
(٢٣٩) «م» و «ن» و «ر ١» : لذلك.