[ جميعا ] والنطفة واحدة » (١) .
والقمي قال : ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان ، فاذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له فهو شرك الشيطان ، كلّما (٢) تلد [ يلزمه ] منه ، ويكون مع الرجل إذا جامع فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل (٣) . والأخبار في هذا المعنى كثيرة.
﴿وَعِدْهُمْ﴾ يا إبليس بالمنافع الدنيوية ، والأمن من الضرر بها ، بأن ينكر المعاد والجنّة والنار ، أو وعدهم بتسويف التوبة ، أو بالأماني الباطلة ، أو بشفاعة الأصنام عند الله ، أو بالأنساب الشريفة ، ثم زجر عن قبول وعده بقوله : ﴿وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً﴾ وكذبا مزينا في قلوبهم متعقّبا بالندامة والخسران.
﴿إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥)﴾
ثمّ عيّن الله القليل الذي استثناه الشيطان من عموم إغوائه بقوله : ﴿إِنَّ عِبادِي﴾ المخلصين ﴿لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ﴾ من حيث الإغواء ﴿سُلْطانٌ﴾ واستيلاء ، لعدم تأثير دعوتك وتسويلك في قلوبهم ، لأنّهم يتوكّلون على ربّهم ﴿وَكَفى بِرَبِّكَ﴾ لهم ﴿وَكِيلاً﴾ وحافظا من كيد الشيطان ، ومدبّرا امورهم على وفق الصلاح ، ومسببا لأسباب سعادتهم وموفّقا لهم لجميع الخيرات.
وقيل : لمّا أخبر سبحانه باستيلاء الشيطان على من سوى المخلصين خاف المؤمنون منه خوفا عظيما ، فأخبرهم عن كمال قدرته ولطفه بهم بقوله : ﴿وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾ والمعنى : أنّ الشيطان ، وإن كان قادرا على الاضلال ، ولكنّ الله أقدر وأرحم بعباده من الكلّ ، فهو يدفع كيد الشيطان ويعصمهم من إغوائه (٤) إذا توكّلوا عليه.
﴿رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً
* وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ
أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٦) و (٦٧)﴾
ثمّ استشهد سبحانه على لطفه الخاص بعباده بلطفه العام لجميع الناس بقوله : ﴿رَبُّكُمُ﴾ هو القادر اللطيف ﴿الَّذِي يُزْجِي﴾ ويسيّر أو يسوق نفعا ﴿لَكُمُ﴾ ولطفا بكم ﴿الْفُلْكَ﴾ والسّفن ﴿فِي الْبَحْرِ﴾
__________________
(١) الكافي ٥ : ٥٠١ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٣.
(٢) في تفسير القمي : كما.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٢٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٤.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ٩.