منتهى طرفه (١) : ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ واحضره عندك ﴿قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ﴾ ومجلس حكومتك ، وكان جلوسه إلى نصف النهار ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ على حفظه وحفظ ما فيه من الجواهر والنفائس لا اختلس منه شيئا ولا ابدّله.
قيل : إنّه قال سليمان عليهالسلام : اريد أسرع من هذا (٢)﴿قالَ﴾ آصف بن برخيا وهو على ما قيل : كان ابن خالة سليمان ووزيره وكاتبه ومؤدّبه في صغره وصديقه (٣)﴿الَّذِي عِنْدَهُ﴾ الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب و﴿عِلْمٌ﴾ كثير ﴿مِنَ الْكِتابِ﴾ المنزل على الأنبياء السابقين كابراهيم وموسى وغيرهما ، وعمله به ، أو علم ببعض اللوح المحفوظ واسراره المكتوبة فيه. عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ذلك وصيّ أخي سليمان بن داود » (٤) - : ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ ويرجع إليك ناظرك ، ويتحرّك جفنك.
قيل : خرّ ساجدا ، وقال : يا حيّ يا قيّوم ، يا ذا الجلال والإكرام (٥) . ثمّ سأل الله إحضار عرش بلقيس فحضر ، وقيل : خسف الله به الأرض (٦) ، ثمّ أخرجه منها في محضر سليمان عليهالسلام ﴿فَلَمَّا رَآهُ﴾ سليمان ﴿مُسْتَقِرًّا﴾ ومتمكّنا ﴿عِنْدَهُ﴾ وحاضرا لديه في أقلّ من طرفة عين.
عن الباقر : « أن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، وإنّما كان عند آصف منه حرف (٧) ، فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين » (٨) .
وفي رواية اخرى : « فتكلّم به ، فانخسفت الأرض ما بيته وبين السرير ، والتقت القطعتان ، وحوّل من هذه على هذه » (٩) .
﴿قالَ﴾ سليمان تشكّرا للنعمة ﴿هذا﴾ الذي أرى من حضور العرش لديّ بأسرع زمان ، وحصول مرادي بأحسن وجه ﴿مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ عليّ وإحسانه إليّ بلا استحقاق منّي ، وإنّما أعطاني هذه النعمة ﴿لِيَبْلُوَنِي﴾ ويختبرني ﴿أَ﴾ أنا ﴿أَشْكُرُ﴾ ها ، بأن أراها منه بلا حول وقوة منّي ، وأ أدّي حقّها من الطاعة والعبادة ﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾ ها ، بأن لا أراها منه ، ولا أقوم بموجبها.
قيل : فلمّا رآه رفع رأسه وقال : الحمد لله الذي جعل في أهلي من يدعوه فيستجيب له (١٠) .
__________________
(١-٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٤٩.
(٤) أمالي الصدوق : ٦٥٩ / ٨٩٢ ، روضة الواعظين : ١١١ ، تفسير الصافي ٤ : ٦٧.
(٥و٦) تفسير روح البيان ٦ : ٣٥٠.
(٧) في الكافي وبصائر الدرجات وتفسير الصافي : منها حرف واحد.
(٨) الكافي ١ : ١٧٩ / ١ ، بصائر الدرجات : ٢٢٨ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٦٧.
(٩) بصائر الدرجات : ٢٢٩ / ٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٦٧ ، وفيه : إلى هذه.
(١٠) تفسير روح البيان ٦ : ٣٥٠ و٣٥١.