وَالْبادِ﴾ والمسافر البعيد إليه من حيث السّكنى والطّواف والتّعبّد.
عن ابن عباس : نزلت الآية في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدّوا رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبية عن المسجد الحرام ، وأن يحجّ ويعتمر وينحر الهدي ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوآله قتالهم ، وكان محرما بعمرة ، ثمّ صالحوه على أن يعود في العام القابل (١) .
وعنه أيضا : أنّهما يستويان في سكنى مكّة والنزول بها ، فليس أحدهما أحقّ بالمنزل الّذي يكون فيه من الآخر إلّا أن يكون واحد سبق إلى المنزل » (٢) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « مكّة مباح لمن سبق إليها » (٣) .
القمي : نزلت في قريش حين صدّوا رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكّة ، وقوله : ﴿سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ﴾ قال : أهل مكّة ومن جاء [ إليهم ] من البلدان ، فهم فيه سواء ، لا يمنع من النّزول ودخول الحرم (٤) .
في ( نهج البلاغة ) - في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليهالسلام إلى قثم بن عبّاس ، وهو عامله على مكّة - : « [ ومر أهل مكّة ] أن لا يأخذوا من ساكن أجرا ، فإنّ الله يقول : ﴿سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ﴾ فالعاكف المقيم به ، والبادي الّذي يحجّ إليه من غير أهله » (٥) .
وعنه عليهالسلام أنّه كره إجارة بيوت مكّة (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أوّل من علّق على بابه المصراعين بمكّة معاوية ، فمنع حاجّ بيت الله ، وقد قال الله عزوجل : ﴿سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ،﴾ وكان النّاس إذا قدموا مكّة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجّه » الخبر (٧) .
وعنه عليهالسلام في هذه الآية : « لم يكن ينبغي أن يوضع على دور مكّة أبواب ، لأنّ للحجّاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدّار حتى يقضوا مناسكهم ، وإنّ أوّل من جعل لدور مكّة أبوابا معاوية»(٨) .
ثمّ بيّن سبحانه حرمة المسجد بقوله : ﴿وَمَنْ يُرِدْ﴾ مرادا ﴿فِيهِ﴾ حال كونه متلبّسا ﴿بِإِلْحادٍ﴾ وعدول عن القصد ملتبسا ﴿بِظُلْمٍ.﴾ وقيل : إنّ المراد من يرد أن يأتي فيه بإلحاد ، وهو الشرك بالله ، كما عن ابن عبّاس (٩) .
روي أنّ الآية نزلت في عبد الله بن سعد حيث استسلمه النبيّ صلىاللهعليهوآله فارتدّ مشركا ، وفي قيس بن ضبابة (١٠) .
وعن مقاتل : نزلت في عبد الله بن خطل حين قتل الأنصاري وهرب إلى مكّة كافرا ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٣. (٢ و٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٤.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٨٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧١. (٥) نهج البلاغة : ٤٥٨ كتاب ٦٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧١.
(٦) قرب الإسناد : ١٤٠ / ٤٩٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧١.
(٧) الكافي ٤ : ٢٤٣ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧١. (٨) علل الشرائع : ٣٩٦ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧١.
(٩ و١٠) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٥.