وقيل : شبّه الله إحاطة النّار بهم بإحاطة الثياب بلابسها (١) .
وعن سعيد بن جبير : أي من نحاس اذيب بالنّار (٢) .
﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ والماء الحارّ المتناهي في الحرارة. عن ابن عباس : لو قطرت قطرة منه على جبال [ الدنيا ] لأذابها (٣) .
﴿يُصْهَرُ﴾ ويذاب ﴿بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ﴾ من الأحشاء والأمعاء ﴿وَالْجُلُودُ﴾ فتأثيره في بواطنهم كتأثيره في ظواهر [ هم ] .
القمي قال : تشويه النار ، فتسترخي شفته السّفلى حتى تبلغ سرّته ، وتتقلّص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه (٤) .
﴿وَ﴾ أعدّ ﴿لَهُمْ مَقامِعُ﴾ وأعمدة كما قال القمي (٥) . أو سياط ﴿مِنْ حَدِيدٍ﴾ محماة.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « ولهم مقامع من حديد لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثمّ اجتمع عليه الثّقلان ما أقلوه من الأرض » (٦) .
﴿كُلَّما أَرادُوا﴾ وأيّ وقت أشرفوا على ﴿أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها﴾ ويتخلّصوا ﴿مِنْ غَمٍ﴾ من غمومها الشديدة التي تصيبهم فيها ، بأن يضربهم لهبها فيرفعهم إلى أعاليها ﴿أُعِيدُوا فِيها﴾ وردّوا من أعاليها إلى أسافلها بضرب الأعمدة على رؤوسهم ﴿وَ﴾ قيل لهم : ﴿ذُوقُوا﴾ وأطعموا ﴿عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ وألم النار البالغة في الأحراق ، أو ألم الغليظ من النّار.
عن الصادق عليهالسلام في رواية : « أنّ أهل النّار [ يعظّمون النار ، وإنّ ] أهل الجنّة [ يعظّمون الجنّة ] والنعيم ، وإنّ أهل جهنّم إذا دخلوها هووا فيها [ مسيرة ] سبعين عاما ، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد واعيدوا في دركها ، هذه حالهم ، وهو قول الله عزوجل : ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ ثمّ تبدّل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم » (٧) الخبر.
﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ * وَهُدُوا
إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٣) و (٢٤)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه قضاءه في حقّ الكفّار وسوء حالهم في الآخرة ، بيّن قضاءه في حقّ المؤمنين وحسن حالهم فيها بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ فعظّم الله شأنهم بإسناد إدخالهم الجنة إلى نفسه ، ثمّ بيّن ما أعدّ للمؤمنين بدل ما أعدّ للكفّار
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٦ : ١٠١ ، تفسير روح البيان ٦ : ١٨.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٢.
(٣) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٢ ، تفسير أبي السعود ٦ : ١٠١.
(٤ و٥) تفسير القمي ٢ : ٨٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٨.
(٦) مجمع البيان ٧ : ١٢٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٨.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٨١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٩.