أو يمنعون ، كما عن ابن عبّاس (١) .
وقيل : يعني لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من السّكينة والرّوح والرّفق وغير ذلك ممّا يصحب أولياءنا ، فكيف يتوهّم أنّهم ينصرون غيرهم ؟ (٢)﴿بَلْ﴾ مع أنّا حفظناهم من كلّ آفة ﴿مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ﴾ وأنعمنا عليهم بالنّعم الكثيرة الدنيويّة في المدّة الطويلة ﴿حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ في الغفلة فنسوا عهدنا ، وجهلوا موقع نعمنا ، واغترّوا بها ، مع أنّه لا وجه لاغترارهم بها مع أنّها تزول وتذهب بسرعة ، وأنّهم مقهورون تحت قدرتنا ، ويرون آثار عذابنا ﴿أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ﴾ التي يسكنونها و﴿نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها﴾ وجوانبها بتسليط المسلمين عليها ، وفتحهم بلادها وقراها ، ونزيدها في ملك محمّد صلىاللهعليهوآله.
وقيل : يعني : إنّما نميت رؤساءهم ، أو ننقص من الشرّك بإهلاك أهله ، فيعتبرون بما يرون. فيؤمنون بالرسول ، ويعلمون أنّ نعمهم منّا وبقاءها وزوالها بيدنا ، أو يعلمون أنّا قادرون على إنجاز وعدنا إيّاهم بالعذاب ، وهم لا يقدرون على حفظه منه (٣) .
عن ابن عبّاس : تفسير نقص الأرض نقصها بفتح البلاد ، أو نقصان أهلها وبركتها (٤) .
وقيل : تخريب قراها بموت أهلها (٥) .
وقيل : هو موت العلماء (٦) ، كما روي عن الصادق عليهالسلام (٧) واعترض عليه البعض بأنّ الآية نزلت في كفّار مكّة ، فكيف يدخل فيها العلماء والفقهاء ؟
وفيه : أنّ المراد من الأرض على هذا التفسير مطلقها ، وإن كان المقصود اعتبار أهل مكّة ، ويمكن أن يكون المراد من النقص المعنى العامّ الشامل للجميع بإرادة عموم المجاز.
ثمّ أنكر سبحانه على المشركين توهّم غلبتهم على النبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنين مع مشاهدتهم آثار قدرة الله عليهم بقوله : ﴿أَفَهُمُ الْغالِبُونَ﴾ والقاهرون على نبيّنا صلىاللهعليهوآله وعلى المؤمنين به مع رؤيتهم آثار قدرتنا ونصرتنا إيّاهم ، أم محمّد صلىاللهعليهوآله وحزبه الذين هم حزب الله غالبون على اولئك الكفرة الطّغاة.
﴿قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ * وَلَئِنْ
مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٥) و (٤٦)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٤٨٣.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٤٨٣.
(٣) تفسير الرازي ٢٢ : ١٧٤.
(٤) تفسير الرازي ٢٢ : ١٧٥.
(٥ و٦) مجمع البيان ٧ : ٧٩ ، تفسير الرازي ٢٢ : ١٧٥.
(٧) مجمع البيان ٧ : ٧٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٤١.