بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤)) (١). وقال تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩)) (٢) فبين تعالى أن الخلق عاجزون عن معارضة هذا القرآن ، بل عن عشر سور عليه ، بل عن سورة منه ، وأنهم لا يستطيعون ذلك أبدا كما قال تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (٣) أى فإن لم تفعلوا فى الماضى ولن تستطيعوا ذلك فى المستقبل ، وهذا تحدثان وهو أنه لا يمكن معارضتهم له لا فى الحال ولا فى المآل ومثل هذا التحدى إنما يصدر عن واثق بأن ما جاء به لا يمكن للبشر معارضته ولا الإتيان بمثله ، ولو كان من متقول من عند نفسه لخاف أن يعارض ، فيفتضح ويعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له ، ومعلوم لكل ذى لب أن محمدا صلىاللهعليهوسلم من أعقل خلق الله بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق فى نفس الأمر ، فما كان ليقدم على هذا الأمر إلا وهو عالم بأنه لا يمكن معارضته ، وهكذا وقع ، فإنه من لدن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإلى زماننا هذا لم يستطع أحد أن يأتى بنظيره ولا نظير سورة منه وهذا لا سبيل إليه أبدا ، فإنه كلام رب العالمين الّذي لا يشبهه شيء من خلقه لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله ، فأنى يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق؟ وقول كفار قريش الّذي حكاه تعالى عنهم فى قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)) (٤) .. كذب
__________________
(١) سورة هود ، الآيتان : ١٣ ، ١٤.
(٢) سورة يونس ، الآيات : ٣٧ ـ ٣٩.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٤.
(٤) سورة الأنفال ، الآية : ٣١.