منهم ودعوى باطلة بلا دليل ولا برهان ولا حجة ولا بيان ، ولو كانوا صادقين لأتوا بما يعارضه ، بل هم يعلمون كذب انفسهم ، كما يعلمون كذب أنفسهم فى قولهم (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥)) (١) قال الله تعالى : (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦)) (٢) أى أنزله عالم الخفيات ، رب الأرض والسموات ، الّذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، فإنه تعالى أوحى إلى عبده ورسوله النبي الأمى الّذي كان لا يحسن الكتابة ولا يدريها بالكلية ، ولا يعلم شيئا من علم الأوائل وأخبار الماضين ، فقص الله عليه خبر ما كان وما هو كائن على الوجه الواقع سواء بسواء ، وهو فى ذلك يفصل بين الحق والباطل الّذي اختلفت فى إيراده جملة الكتب المتقدمة ، كما قال تعالى : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)) (٣) وقال تعالى : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١)) (٤).
وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٥) الآية وقال تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ (٤٩) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية : ٥.
(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٦.
(٣) سورة هود ، الآية : ٤٩.
(٤) سورة طه ، الآيات : ٩٩ ـ ١٠١.
(٥) سورة المائدة ، الآية : ٤٨.