الفتيين المحبوسين معه (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) (١) الآية.
وقد أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأخبار الماضية طبق ما وقع وعن الأخبار الحاضرة سواء بسواء كما أخبر عن أكل الأرضة لتلك الصحيفة الظالمة التى كانت بطون قريش قديما كتبتها على مقاطعة بنى هاشم وبنى المطلب حتى يسلموا إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها فى سقف الكعبة ، فأرسل الله الأرضة فأكلتها إلا مواضع اسم الله تعالى ، وفى رواية : فأكلت اسم الله منها تنزيها لها أن تكون مع الذين فيها من الظلم والعدوان ، فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمه أبا طالب وهم بالشعب ، فخرج إليهم أبو طالب وقال لهم عما أخبرهم به ، فقالوا : إن كان كما قال وإلا فسلموه إلينا ، فقالوا : نعم ، فأنزلوا الصحيفة فوجدوها كما أخبر عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم سواء بسواء ، فأقلعت بطون قريش عما كانوا عليه لبنى هاشم وبنى المطلب ، وهدى الله بذلك خلقا كثيرا ، وكم له مثلها كما تقدم بسطه وبيانه فى مواضع من السيرة وغيرها ولله الحمد والمنة.
وفى يوم بدر لما طلب من العباس عمه فداء ادعى أنه لا مال له ، فقال له : فأين المال الّذي دفنته أنت وأم الفضل تحت أسكفة الباب ، وقلت لها : إن قتلت فهو للصبية؟ فقال : والله يا رسول الله إن هذا شيء لم يطلع عليه غيرى وغير أم الفضل إلا الله عزوجل.
وأخبر بموت النجاشى يوم مات وهو بالحبشة ، وصلى عليه ، وأخبر عن قتل الأمراء يوم مؤتة واحدا بعد واحد وهو على المنبر وعيناه تذرفان.
وأخبر عن الكتاب الّذي أرسل به حاطب بن بلتعة مع شاكر مولى بنى عبد المطلب ، وأرسل فى طلبها عليا والزبير والمقداد ، فوجدوها قد جعلته فى
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٣٧.