التفسير ، وحاصله أن الحديد أشد امتناعا فى الساعة الراهنة من الحجر ما لم يعالج فإذا عولج انفعل الحديد ولا ينفعل الحجر والله أعلم.
وقال أبو نعيم : فإن قيل : فقد لين الله لداود عليهالسلام الحديد حتى سرد منه الدروع السوابغ ، قيل : لينت لمحمد صلىاللهعليهوسلم الحجارة وصم الصخور ، فعادت له غارا استتر به من المشركين ، يوم أحد ، مال إلى الجبل ليخفى شخصه عنهم فلين الجبل حتى أدخل رأسه فيه ، وهذا أعجب لأن الحديد تلينه النار ، ولم نر النار تلين الحجر ، قال : وذلك بعد ظاهر باق يراه الناس. قال : وكذلك فى بعض شعاب مكة من جبل فى صلايه إليه فلان الحجر حتى ادرأ فيه بذراعيه وساعديه ، وذلك مشهور يقصده الحجاج ويرونه. وعادت الصخرة ليلة أسرى به كهيئة العجين ، فربط بها دابته ـ البراق ـ وموضعه يمسونه الناس إلى يومنا هذا ، وهذا الّذي أشار إليه ، من يوم أحد وبعض شعاب مكة غريب جدا ، ولعله قد أسنده هو فيما سلف ، وليس ذلك بمعروف فى السيرة المشهورة.
وأما ربط الدابة فى الحجر فصحيح ، والّذي ربطها جبريل كما هو فى صحيح مسلمرحمهالله ، وأما قوله : وأوتيت الحكمة وفصل الخطاب ، فقد كانت الحكمة التى أوتيها محمد صلىاللهعليهوسلم والشرعة التى شرعت له ، أكمل من كل حكمة وشرعة كانت لمن قبله من الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، فإن الله جمع له محاسن من كان قبله ، وفضله ، وأكمله (وآتاه) ما لم يؤت أحدا قبله ، وقد قال صلىاللهعليهوسلم : أوتيت جوامع الكلم ، واختصرت لى الحكمة اختصارا ، ولا شك أن العرب أفصح الأمم ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم أفصحهم نطقا ، وأجمع لكل خلق جميل مطلقا.