فانشق القمر فلقتين وفق ما سأله قريش ، وهم معه جلوس فى ليلة البدر ، أعظم آية ، وأيمن دلالة وأوضح حجة وأبهر برهان على نبوته وجاهه عند الله تعالى ، ولم ينقل معجزة عن نبى من الأنبياء من الآيات الحسيات أعظم من هذا ، كما قررنا ذلك بأدلته من الكتاب والسنة ، فى التفسير فى أول البعثة ، وهذا أعظم من حبس الشمس قليلا ليوشع بن نون حتى تمكن من الفتح ليلة السبت ، كما سيأتى فى تقرير ذلك مع ما يناسب ذكره عنده.
وقد تقدم من سيرة العلاء بن الحضرمى ، وأبى عبيد الثقفى وأبى مسلم الخولانى ، وسير الجيوش التى كانت معهم على تيار الماء ومنها دجلة وهى جارية عجاجة تقذف الخشب من شدة جريها ، وتقدم تقرير أن هذا أعجب من فلق البحر لموسى من عدة وجوه والله أعلم.
وقال ابن حامد : فإن قالوا : فإن موسى عليهالسلام ضرب بعصاه البحر فانفلق فكان ذلك آية لموسى عليهالسلام ، قلنا : فقد أوتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثلها ، قال على رضى الله عنه : لما خرجنا إلى خير فاذا نحن بواد سحب وقدرناه فاذا هو أربع عشرة قامة ، فقالوا : يا رسول الله العدو من وراثنا والوادى من أمامنا ، كما قال أصحاب موسى : إنا لمدركون. فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعبرت الخيل لا تبدى حوافرها والإبل لا تبدى أخفافها ، فكان ذلك فتحا ، وهذا الّذي ذكره بلا إسناد ولا أعرفه فى شيء من الكتب المعتمدة بإسناد صحيح ولا حسن بل ولا ضعيف فالله أعلم.
وأما تظليله بالغمام فى التيه ، فقد تقدم ذكر حديث الغمامة التى رآها بحيرا تظله من بين أصحابه ، وهو ابن اثنتى عشرة سنة ، صحبة عمه أبى طالب وهو قادم إلى الشام فى تجارة ، وهذا أبهر من جهه أنه كان وهو قبل أن يوحى إليه ، وكانت الغمامة تظله وحده من بين أصحابه ، فهذا أشد فى الاعتناء ، وأظهر من غمام بنى إسرائيل وغيرهم. وأيضا فإن المقصود من