أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣)) (١) فقد أعطى الله محمدا انشقاق القمر بإشارته إليه فرقتين ، فرقة من وراء جبل حراء ، وأخرى أمامه ، كما تقدم بيان ذلك بالأحاديث المتواترة مع قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)) (٢) ولا شك أن هذا أجل وأعظم وأبهر فى المعجزات وأعم وأظهر وأبلغ من ذلك ، وقد قال كعب بن مالك فى حديثه الطويل فى قصة توبته : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا سر استنار وجهه كأنه فلقة قمر.
وذلك فى صحيح البخارى ، وقال ابن حامد : قالوا : فإن موسى أعطى اليد البيضاء ، قلنا لهم : فقد أعطى محمد صلىاللهعليهوسلم ما هو أفضل من ذلك نورا كان يضيء عن يمينه حيث ما جلس ، وعن يساره حيث ما جلس وقام ، يراه الناس كلهم ، وقد بقى ذلك النور إلى قيام الساعة ، ألا ترى أنه يرى النور الساطع من قبره صلىاللهعليهوسلم من مسيرة يوم وليلة؟ هذا لفظه ، وهذا الّذي ذكره من هذا النور غريب جدا.
وقد ذكرنا فى السيرة عند إسلام الطفيل بن عمرو الدوسى أنه طلب من النبي صلىاللهعليهوسلم آية تكون له عونا على إسلام قومه من بيته هناك ، فسطع نور بين عينيه كالمصباح، فقال : اللهم في غير هذا الموضع فإنهم يظنونه مثلة ، فتحول النور إلى طرف سوطه فجعلوا ينظرون إليه كالمصباح فهداهم الله على يديه ببركة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبدعائه لهم فى قوله : اللهم اهد دوسا ، وآت بهم ، وكان يقال للطفيل : ذو النور لذلك ، وذكر أيضا حديث أسيد بن حضير وعباد بن بشر فى خروجهما من عند النبي صلىاللهعليهوسلم فى ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف عصا أحدهما ، فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف عصاه ،
__________________
(١) سورة طه ، الآيتان : ٢٢ ، ٢٣.
(٢) سورة القمر ، الآيتان : ١ ، ٢.