وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى رحالكم؟ ، وقال : إنكم ستجدون بعدى أيره فاصبروا حتى تلقونى على الحوض ، وقال : إن الناس يكثرون وتقل الأنصار ، وقال لهم فى الخطبة قبل هذه على الصفا : بل المحيا محياكم ، والممات مماتكم ، وقد وقع جميع ذلك كما أخبر به سواء بسواء.
وقال البخارى : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب قال: وأخبرنى سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والّذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما فى سبيل الله (١) ، ورواه مسلم عن حرملة عن أبى وهب عن يونس به ، وقال البخارى : حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن عبد الملك ابن عمير عن جابر بن سمرة رفعه : إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، وقال : لتنفقن كنوزهما فى سبيل الله (٢).
وقد رواه البخارى أيضا ومسلم من حديث جرير ، وزاد البخارى وابن عوانة ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير به ، وقد وقع مصداق ذلك بعده فى أيام الخلفاء الثلاثة أبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، استوثقت هذه الممالك فتحا على أيدى المسلمين ، وأنفقت أموال قيصر ملك الروم ، وكسرى ملك الفرس ، فى سبيل الله ، على ما سنذكره بعد إن شاء الله. وفى هذا الحديث بشارة عظيمة للمسلمين ، وهى أن ملك فارس قد انقطع فلا عودة له ، وملك الروم للشام قد زال عنها ، فلا يملكوها بعد ذلك ، ولله الحمد والمنة ، وفيه دلالة على صحة خلافة أبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، والشهادة لهم بالعدل ، حيث أنفقت الأموال المغنومة فى زمانهم فى سبيل الله على الوجه المرضى الممدوح.
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (٣٦١٨) (١٠ / ٤٩٥).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (٣٦١٩) (١٠ / ٤٩٧).