موجزة فى غاية البيان والفصاحة ، وتارة تبسط ، فلا أحلى ولا أجلى ولا أعلى من ذلك السياق حتى كأن التالى أو السامع مشاهد لما كان ، حاضر له ، معاين للخبر بنفسه كما قال تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦)) (١) وقال تعالى : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)) (٢) وقال تعالى فى سورة يوسف : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤)) (٣) إلى أن قال فى آخرها (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)) (٤) وقال تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣)) (٥) وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ٥٢ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) (٦) وعد تعالى أنه سيظهر الآيات : القرآن وصدقه من جاء به بما يخلقه فى الآفاق من الآيات الدالة على صدق هذا الكتاب وفى نفس المنكرين له المكذبين ما فيه حجة عليهم وبرهان قاطع لشبههم ، حتى يستيقنوا أنه منزل من عند الله على لسان الصادق ، ثم أرشد إلى دليل مستقل بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أى فى العلم بأن الله يطلع على هذا الأمر كفاية فى صدق هذا المخبر عنه ؛ إذ لو
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٤٦.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٤٤.
(٣) سورة يوسف ، الآيات : ١٠٢ ـ ١٠٤.
(٤) سورة يوسف ، الآية : ١١١.
(٥) سورة طه ، الآية : ١٣٣.
(٦) سورة فصلت : الآيتان : ٥٢ ـ ٥٣.