وأجاب بعضهم أنّ اللام في البيت ليست للتوطئة ، بل مزيدة ؛ وهذا ليس بشيء ؛ لأنه لا دليل عليه ، وقال الزمخشريّ : «لولا اللام الموطّئة ؛ لجاز أن يكون جوابا للشرط ؛ كقوله : [البسيط]
٣٤٦٤ ـ ........... |
|
يقول لا غائب ... (١) |
لأنّ الشرط وقع ماضيا». وناقشه أبو حيّان : بأنّ هذا ليس مذهب سيبويه ، ولا الكوفيين والمبرّد ؛ لأنّ مذهب سيبويه (٢) في مثله : أن النية به التقديم ، ومذهب الكوفيين ، والمبرّد : أنه على حذف الفاء ، وهذا مذهب ثالث ، قال به بعض الناس.
قوله : «ولو كان» جملة حالية ، وتقدّم تحقيق هذا ، وأنه كقوله ـ عليهالسلام ـ : «أعطوا السّائل ، ولو جاء على فرس» ، و«لبعض» متعلق ب «ظهيرا».
فصل في معنى الآية
والمعنى : لو كان بعضهم لبعض عونا ، ومظاهرا ، نزلت حين قال الكفّار : ولو شئنا لقلنا مثل هذا ، فكذّبهم الله ـ عزوجل ـ فالقرآن معجز في النّظم ، والتّأليف ، والإخبار عن الغيوب ، وهو كلام في أعلى طبقات البلاغة ، لا يشبه كلام الخلق ؛ لأنّه غير مخلوق ، ولو كان مخلوقا ، لأتوا بمثله.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩) وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً) (٩٣)
قوله : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) الآية.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) : مفعوله محذوف ، وقيل : «من» زائدة في «من كلّ مثل» وهو المفعول ، قاله ابن عطيّة ، وهو مذهب الكوفيين والأخفش (٣).
وقرأ الحسن (٤) : «صرفنا» بتخفيف الراء ، وتقدّم نظيره.
فصل في ذكر الوجوه المحتملة في هذا الكلام
هذا الكلام يحتمل وجوها :
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٤٣٦.
(٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٩٨.
(٤) ينظر : البحر ٦ / ٧٧ ، والدر المصون ٤ / ٤١٨.