والجور : العدول عن الاستقامة ؛ قال النابغة : [الطويل]
٣٣٠١ ـ ........... |
|
يجور بها الملّاح طورا ويهتدي (١) |
وقال آخر : [الكامل]
٣٣٠٢ ـ ومن الطّريقة جائر وهدى |
|
قصد السّبيل ومنه ذو دخل (٢) |
وقال أبو البقاء (٣) : و«قصد» مصدر بمعنى إقامة السّبيل ، أو تعديل السبيل ، وليس مصدر قصدته بمعنى أتيته.
فصل
قوله : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) يعني بيان طريق الهدى من الضّلالة ، وقيل : بيان الحقّ من الباطل بالآيات والبراهين ، والقصد : الصراط المستقيم.
(وَمِنْها جائِرٌ) يعني : ومن السّبيل جائر عن الاستقامة معوجّ ، والقصد من السبيل دين الإسلام ، والجائر منها : اليهوديّة والنّصرانية وسائر ملل الكفر.
قال جابر بن عبد الله : (قَصْدُ السَّبِيلِ) بيان الشّرائع والفرائض.
وقال ابن المبارك وسهل بن عبد الله : (قَصْدُ السَّبِيلِ) السنة ، (وَمِنْها جائِرٌ) الأهواء والبدع ؛ لقوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) [الأنعام : ١٥٣].
فصل
قالت المعتزلة : دلت الآية على أنّه يجب على الله الإرشاد والهداية إلى الدّين وإزالة العلل [والأعذار](٤) ؛ لقوله (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) وكلمة «على» للوجوب ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [آل عمران : ٩٧] ودلت الآية أيضا على أنه تعالى لا يضلّ أحدا ولا يغويه ولا يصده عنه ، لأنه لو كان ـ تعالى ـ فاعلا للضّلال ؛ لقال (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) وعليه جائرها ، أو قال : وعليه الجائر فلمّا لم يقل ذلك ، بل قال في قصد السبيل أنه عليه ، ولم يقل في جور السبيل أنه عليه ، بل قال : (وَمِنْها جائِرٌ) دلّ على أنّه ـ تعالى ـ لا يضلّ عن الدين أحدا.
وأجيب : بأنّ المراد على أنّ الله ـ تعالى ـ بحسب الفضل والكرم ؛ أن يبين الدّين
__________________
(١) عجز بيت لطرفة بن العبد وليس كما قال المصنف رحمهالله وصدره :
عدوليّة أو من سفين ابن يامن
ينظر : ديوانه (٢٠) البحر المحيط ٥ / ٤٦٣ وشرح القصائد السبع ١٣٧ وشرح المعلقات العشر ٩٢ ، وتفسير القرطبي ١٠ / ٥٤ والخصائص ٢ / ١٢١ ، والمنصف ٢ / ١٢١ ، ورصف المباني ص ٤٤٧.
(٢) البيت لامرىء القيس ، ينظر : الديوان / ١٥٢ ، فتح القدير ٣ / ١٤٩ ، البحر المحيط ٥ / ٤٦٣ ، القرطبي ١٠ / ٥٤ ، الدر المصون ٤ / ٣١٥.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ٧٨.
(٤) في ب : والأغلال.