و[قد](١) يستعملان معا في الأمر ، وفي الجارحة ، حكاه الزجاج (٢).
وحكى مكيّ ، عن الفرّاء (٣) أنه قال : «لا أعرف في الأمر ، ولا في اليد ، ولا في كلّ شيء إلّا كسر الميم».
قلت : وتواتر قراءة نافع والشاميين يردّ عليه ، وأنكر الكسائي كسر الميم في الجارحة ، وقال : لا أعرف فيه إلّا الفتح ، وهو عكس قول تلميذه ، ولكن خالفه أبو حاتم ، وقال : «هو بفتح الميم : الموضع كالمسجد ، وقال أبو زيد : هو بفتح الميم مصدر جاء على مفعل» وقال بعضهم : هما لغتان فيما يرتفق به ، فأمّا الجارحة ، فبكسر الميم فقط ، وحكي عن الفراء أنه قال : «أهل الحجاز يقولون : «مرفقا» بفتح الميم وكسر الفاء فيما ارتفقت به ، ويكسرون مرفق الإنسان ، والعرب بعد يكسرون الميم منهما جميعا» وأجاز معاذ فتح الميم والفاء ، وهو مصدر كالمضرب والمقتل.
و (مِنْ أَمْرِكُمْ) متعلق بالفعل قبله ، و«من» لابتداء الغاية ، أو للتبعيض.
وقيل : هي بمعنى بدل ، قاله ابن الأنباري ، وأنشد : [الطويل]
٣٤٩٣ ـ فليت لنا من ماء زمزم شربة |
|
مبرّدة باتت على طهيان (٤) |
أي : بدلا. ويجوز أن يكون حالا من «مرفقا» فيتعلق بمحذوف.
قوله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً)(١٧)
قوله : (وَتَرَى الشَّمْسَ) أي : أنت أيّها المخاطب ، وليس المراد أنّ من خوطب بهذا يرى هذا المعنى ، ولكنّ العادة في المخاطبة تكون على هذا النحو.
قوله : (إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ).
قرأ (٥) ابن عامر ويعقوب «تزور» بسكون الزاي بزنة تحمرّ.
والكوفيون «تزاور» بتخفيف الزاي ، والباقون بتثقيلها ، ف «تزورّ» بمعنى «تميل» من الزّور ، وهو الميل ، و«زاره» بمعنى «مال إليه» وقول الزّور : ميل عن الحق ، ومنه الأزور ، وهو المائل بعينه وبغيرها ، قال عمر بن أبي ربيعة : [الطويل]
٣٤٩٤ ـ ........... |
|
وجنبي خيفة القوم أزور (٦) |
__________________
(١) في ب : وقيل.
(٢) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٣ / ٢٧٤.
(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ١٣٦.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر في قراءاتها السبعة ٣٨٨ والحجة ٤١٣ ، والنشر ٢ / ٣١٠ ، والإتحاف ٢ / ٢١١ ، والتيسير ١٤٢ ، والشواذ ٧٨ ، والحجة للقراء السبعة ٥ / ١٣١ ، وإعراب القراءات ١ / ٣٨٧.
(٦) عجز بيت وهو في ديوانه برواية :