قال شهاب الدّين : «قد تقدم الخلاف في تقدير متعلق الجار إذا وقع حالا أو صفة أو خبرا ، هل يقدر فعلا أو اسما ، ولعلّ أبا البقاء نحا إلى الأول فتسميته له جملة صحيح على هذا».
والدّفء : اسم لما يدفأ به ، أي : يسخن.
قال الأصمعيّ : ويكون الدفء السخونة ، يقال : اقعد في دفء هذا الحائط ، أي : في كنفه ، وجمعه أدفاء ، ودفىء يومنا فهو دفيء ، ودفىء الرّجل يدفأ دفأة فهو دفآن ، وهي دفأى ، كسكران ، وسكرى.
والمدفّئة بالتخفيف والتشديد ، الإبل الكثيرة الوبر والشّحم ، وقيل : الدّفء : نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها.
وقرأ زيد بن علي : «دف» بنقل حركة الهمزة إلى الفاء ، والزهريّ : كذلك إلّا أنّه شدّد الفاء ، كأنّه أجرى الوصل مجرى الوقف ، نحو قولهم : هذا فرخّ بالتشديد وقفا.
وقال صاحب اللّوامح : «ومنهم من يعوض من الهمزة فيشدّد الفاء وهو أحد وجهي حمزة بن حبيب وقفا».
قال شهاب الدّين (١) : والتشديد وقفا : لغة مستقلة وإن لم يكن ثمّ حذف من الكلمة الموقوف عليها.
قوله «ومنافع» أراد النّسل ، والدّرّ ، والركوب ، والحمل ، وغيرها ، فعبر عن هذا الوصف بالمنفعة ؛ لأنّه الأعمّ ، والدر والنسل قد ينتفع به بالبيع بالنقود ، وقد ينتفع به بأن تبدّل بالثياب ، وسائر الضّروريات ، فعبّر عن جملة الأقسام بلفظ المنافع ليعمّ الكل.
فصل
الحيوانات قسمان :
منها ما ينتفع به الإنسان ، ومنها ما لا يكون كذلك ، والقسم المنتفع به [أفضل](٢) من الثاني ، والمنتفع به إمّا أن ينتفع به الإنسان في ضروراته ، مثل الأكل واللبس أو في غير ضروراته ، والأول أشرف وهو الأنعام ، فلهذا بدأ بذكره فقال : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) وهي عبارة عن الأزواج الثمانية ، وهي الضّأن والمعز والبقر والإبل.
قال الواحديّ : تمّ الكلام عند قوله : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) ثم ابتدأ وقال : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ).
قال صاحب النّظم : أحسن الوجهين أن يكون الوقف عند قوله : «خلقها» ؛ لأنه عطف عليه (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) والتقدير : لكم فيها دفء ولكم فيها جمال.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٣١٣.
(٢) في ب : أشرف.