جبل ، ولا أبنية ، تمنع [طلوع](١) الشمس عليهم ؛ لأنّهم كانوا في مكان لا يستقرّ عليهم بناء ، وكانوا يكونون في أسراب لهم ، حتّى إذا زالت الشمس عنهم ، خرجوا إلى معايشهم وحروثهم.
وقال الحسن (٢) : كانوا إذا طلعت الشمس ، يدخلون الماء ، فإذا ارتفعت عنهم ، خرجوا فرعوا ؛ كأنّهم بهائم.
قال الكلبيّ (٣) : هم قوم عراة ؛ كسائر الحيوان ، يفترش أحدهم أذنيه ؛ أحدهما : تحته ، ويلتحف بالأخرى.
فصل فيما يروى عن السد
ذكروا في بعض كتب التفسير : أن بعضهم ، قال (٤) : سافرت ، حتّى جاوزت الصّين ، فسألت عن هؤلاء القوم ، فقيل : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة ، فبلغتهم ، فإذا أحدهم يفترش إحدى أذنيه ، ويلبس الأخرى ، فلما قرب طلوع الشمس ، سمعت صوتا كهيئة الصّلصلة ، فغشي عليّ ، ثم أفقت ، فلمّا طلعت الشمس ؛ إذ هي فوق الماء ؛ كهيئة الزيت ، فأدخلونا سربا لهم ، فلما ارتفع النّهار ، جعلوا يصطادون السّمك فيطرحونه في الشمس ؛ فينضج.
قوله : (مَطْلِعَ الشَّمْسِ).
العامّة على كسر اللام من «مطلع» والمضارع «يطلع» بالضم ، فكان القياس فتح اللام في المفعل مطلقا ، ولكنّها مع أخوات لها سمع فيها الكسر ، وقياسها الفتح ، وقد قرأ (٥) به الحسن ، وعيسى ، وابن محيصن ، ورويت عن ابن كثير ، وأهل مكة ، قال الكسائي : «هذه اللغة قد ماتت» يعني : أي : بكسر اللام من المضارع ، والمفعل ، وهذا يشعر أنّ من العرب من كان يقول : طلع يطلع ، بالكسر في المضارع.
قوله : (كَذلِكَ) : الكاف : إمّا مرفوعة المحلّ ، أي : الأمر كذلك ، أو منصوبته ، أي: فعلنا مثل ذلك.
ومعنى الكلام : كذلك فعل ذو القرنين ، أتبع هذه الأسباب ، حتى بلغ ، وقد علمنا حين ملّكناه ما عنده من الصلاحية لذلك الملك.
وقيل : كذلك جعل الله أمر هؤلاء القوم على ما قد أعلم رسول الله ـ عليهالسلام ـ في هذا الذّكر.
وقيل : كذلك كانت حاله مع أهل المطلع ؛ كما كانت حاله مع أهل المغرب ، قضى
__________________
(١) في ب : وقوع.
(٢) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٧٩.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٤٣.
(٥) ينظر : الإتحاف ٢ / ٢٢٤ ، والقرطبي ١١ / ٣٦ ، والبحر ٦ / ١٥٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٨١.