مقرون : دعوت والله ، إلى مكارم [الأخلاق] ومحاسن الأعمال ، ولقد أفك قوم كذّبوك ، وظاهروا عليك» (١).
فصل
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : العدل : التوحيد ، والإحسان : أداء الفرائض ، وعنه: العدل : الإخلاص في التوحيد ، وهو معنى قوله صلىاللهعليهوسلم : «أن تعبد الله كأنّك تراه» وسمّي هذا إحسانا ؛ لأنه محسن إلى نفسه (٢).
وقيل : العدل : في الأفعال ، والإحسان : في الأقوال ؛ فلا تفعل إلّا ما هو عدل ، ولا تقل إلّا ما هو إحسان.
قوله : (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) مصدر مضاف لمفعوله ، ولم يذكر متعلقات العدل والإحسان والبغي ؛ ليعمّ جميع ما يعدل فيه ، ويحسن به وإليه ويبغي فيه ، ولذلك لم يذكر المفعول الثاني للإيتاء ، ونصّ على الأول حضّا عليه ؛ لإدلائه بالقرابة ، فإنّ إيتاءه صدقة وصلة. قال ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : «إنّ أعجل الطّاعة ثوابا صلة الرّحم» (٣).
وقوله : (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) قيل : الزّنا ، وقيل : البخل ، وقيل : كل [ذنب](٤) صغيرة كانت أو كبيرة ، وقيل : ما قبح من القول أو الفعل ، وأما المنكر فقيل : الكفر بالله ، وقيل: ما لا يعرف في شريعة ولا سنة ، والبغي : التّكبر والظّلم.
فصل
قال ابن الخطيب (٥) ـ رحمهالله تعالى ـ كلاما حاصله : «إنّ في المأمورات كثرة ، وفي المنهيّات كثرة ، وإنما يحسن في تفسير لفظ بمعنى إذا كان بين ذلك اللفظ والمعنى مناسبة ، وألا يكون ذلك التفسير فاسدا ، فإذا فسّرنا العدل بشيء مثلا ، وجب أن يتبيّن مناسبة العدل لذلك المعنى ، وألّا يكون مجرّد تحكم ، فنقول : إنه ـ تعالى ـ أمر في هذه الآية بثلاثة أشياء ؛ وهي : العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، ونهى عن ثلاثة أشياء ؛ وهي : الفحشاء والمنكر والبغي ، فوجب أن يكون كل ثلاثة منها متغايرة ؛ لأن العطف
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي (٢٠ / ٨١).
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (٢٠ / ٨١).
(٣) أخرجه ابن حبان (٢٠٣٨ ـ موارد) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» رقم (٣٥) ، عن أبي بكرة.
(٤) في ب : الذنوب.
وله شاهد من حديث أبي هريرة.
أخرجه الطبري في «الأوسط» كما في «المجمع» (٨ / ١٥٥) وقال الهيثمي : وفيه أبو الدهماء النصري وهو ضعيف جدا.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ٨٢.