فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً)(٢٢)
قوله : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ) : قيل : إنّما أتي بالسّين في هذا ؛ لأنّ في الكلام طيّا وإدماجا ، تقديره : فإذا أجبتهم عن سؤالهم عن قصّة أهل الكهف ، فسلهم عن عددهم ، فإنهم سيقولون. ولم يأت بها في باقية الأفعال ؛ لأنها معطوفة على ما فيه السين ، فأعطيت حكمه من الاستقبال.
وقرأ ابن محيصن (١) «ثلاثّ» بإدغام الثاء المثلثة في تاء التأنيث ؛ لقرب مخرجيهما ، ولأنهما مهموسان ، ولأنهما بعد ساكن معتل.
(رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) الجملة في محل رفع صفة ل «ثلاثة».
قوله : (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ) قرأ ابن كثير (٢) في رواية بفتح الميم ، وهي لغة كعشرة ، وقرأ ابن محيصن (٣) بكسر الخاء والميم ، وبإدغام التاء في السين ، يعني تاء «خمسة» في سين «سادسهم» وهي قراءة ثقيلة جدا ؛ لتوالي كسرتين وثلاث سينات ، قال شهاب الدين : ولا أظن مثل هذا إلّا غلطا على مثله ، وروي عنه إدغام التنوين في السين من غير غنّة.
و«ثلاثة» و«خمسة» و«سبعة» إخبار لمبتدأ محذوف مضمر ، أي : هم ثلاثة ، وهم خمسة ، وهم سبعة ، وما بعد «ثلاثة» و«خمسة» من الجملة صفة لهما ، كما تقدّم ، ولا يجوز أن تكون الجملة حالا ، لعدم عامل فيها ، ولا يجوز أن يكون التقدير : هؤلاء ثلاثة ، وهؤلاء خمسة ، ويكون العامل اسم الإشارة أو التنبيه ، قال أبو البقاء (٤) : «لأنّها إشارة إلى حاضر ، ولم يشيروا إلى حاضر».
قوله : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله ؛ يقولون ذلك لأجل الرمي بالغيب.
والثاني : أنه في موضع الحال ، أي : ظانّين.
والثالث : أنه منصوب ب «يقولون» لأنه بمعناه.
والرابع : أنه منصوب بمقدر من لفظه ، أي : يرجمون بذلك رجما.
والرّجم في الأصل : الرّمي بالرّجام ، وهي الحجارة الصّغار ، ثم عبّر به عن الظنّ ، قال زهير: [الطويل]
٣٥٠٥ ـ وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم |
|
وما هو عنها بالحديث المرجّم (٥) |
__________________
(١) ينظر : المحتسب ٢ / ٢٦ ، والبحر ٦ / ١٠٩ ، والدر المصون ٤ / ٤٤٥.
(٢) ينظر : المحتسب ٢ / ٢٧ ، والبحر ٦ / ١٠٩ ، والدر المصون ٤ / ٤٤٥.
(٣) ينظر : الإتحاف ٢ / ٢١٢ ، والبحر ٦ / ١٠٩ ، والدر المصون ٤ / ٤٤٥.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ١٠٠.
(٥) تقدم.