فليعبدوا ، فان حذفت اللام من أن فهو نصب كما أنك لو حذفت اللام من لايلاف كان نصبا هذا قول الخليل ، ولو قرؤها (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) كان جيّدا وقد قرىء ولو قلت جئتك إنك تحبّ المعروف مبتدء كان جيدا ، وقال سبحانه وتعالى (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) وقال (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) إنما أراد بأني مغلوب وبأني لكم ولكنه حذف الباء وقال أيضا (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) بمنزلة (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) والمعنى ولأنّ هذه أمتكم فاتّقون ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، وأما المفسّرون فقالوا على أوحى ، ولو قرئت وإنّ المساجد لله كان جيّدا.
واعلم أنّ العرب تنشد هذا البيت على وجهين على ارادة اللام وعلى الابتداء قال الفرزدق : [طويل]
(١) منعت تميما منك أني انا ابنها |
|
وشاعرها المعروف عند المواسم |
وسمعنا من العرب من يقول إني أنا ابنها ، وتقول لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك ، وان شئت قلت أنّ ولو قال انسان إن أنّ في موضع جر في هذه الأشياء ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز حذف الجار فيه كما حذفوا ربّ في قوله : [رجز]
(٢) *وبلد تحسبه مكسوحا*
لكان قولا قويا ، وله نظائر نحو قوله لاه أبوك والأول قول الخليل ويقوي ذلك قولهم وأنّ المساجد لله لأنهم لا يقدّمون أنّ ويبتدئونها ويعملون فيها ما بعدها الا أنه
__________________
(٧٠٠) الشاهد في جواز فتح أن على معنى لأني وكسرها على الاستئناف والقطع ، يقول هذا لجرير وكلاهما من تميم الا أنه نفي عنها جريرا للؤمه عنده واحتقاره له وجعل رهطه منها غير معدود فيها وجعل قومه من بني دارم ومن كان مثلهم في الشرف هم تميم في الحقيقة.
(٧٠١) الشاهد فيه اضمار رب وجعل جواز ذلك دليلا على أن حذف الجر في أن وان واضماره جائز تخفيفا لطولهما بالصلة ، وقد تقدم القول في اضمار رب والاختلاف فيه* وصف فلاة لا شيء فيها فكأنها اكتسحت أي كنست.